في مناصب الدولة وتردد كثيرا في قبول الوزارة ولكن الحاح أصدقائه في بغداد والنجف اضطره إلى القبول فأشغل منصب هذه الوزارة فترة لا تزيد على سبعة أشهر، ولما عرضت اتفاقية النفط على مجلس الوزراء وكانت من الاتفاقيات المجحفة بحقوق العراق اقترح تعديل بعض بنود الاتفاقية على أساس يكفل للعراق في زيادة العوائد المالية فلم يجد من يعضده. وفي جلسة خاصة بينه وبين الهاشمي سأله عن موقفه الأخير من الموضوع فقال الهاشمي ان ابرام هذه الاتفاقية من واجب وزارته. وعلى اثر ذلك غادر الجلسة وذهب إلى مكتبه في ديوان الوزارة وبعث بكتابه الذي يستقيل فيه من الوزارة لأنه يرى ان الاتفاقية مجحفة بمصالح العراق. وقد تقلد الشبيبي منصب وزارة المعارف خمس مرات وإن لم تكن مدة الاستيزار طويلة فيها ففي سنة 1924 تقلدها كما قلنا أول مرة. وتقلدها مرة ثانية سنة 1935 وثالثا سنة 1938 ورابعا سنة 1941 وخامسا سنة 1948 واختير سنة 1935 عضوا في مجلس الأعيان وانتخبه هذا المجلس رئيسا له سنة 1937 وقد رشح في الانتخابات النيابية فكان عضوا في المجلس النيابي غير مرة وانتخب رئيسا للمجلس النيابي سنة 1943 وأمضى سنة في الرياسة ثم أعيد انتخابه لرئاسة المجلس المذكور سنة 1944 ولكنه استقال قبل انتهاء السنة بسبب دسائس استعمارية معروفة دبرت بليل.
وكانت آخر استقالة له، استقالته من رئاسة المجمع العلمي العراقي قبيل وفاته.
في المناصب العلمية وانتخب الشبيبي في كثير من المؤسسات والمجامع العلمية واللغوية داخل العراق وخارجه. فهو عضو نادى القلم العراقي ورئيسه نحوا من عشرين سنة ورئيس المجمع العلمي العراقي سنة 1948 إلى أن تخلى عن رئاسته لأسباب معروفة. قد منح درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة القاهرة تقديرا لبحوثه في الأدب والتاريخ وانتخب عضوا في المجمع العلمي العربي في الشام سنة 1923 كما انتخب عضوا عاملا في مجمع اللغة العربية في القاهرة وذلك في أواخر سنة 1947. ومن المحاضرات التي ألقاها في المؤتمر اللغوي محاضرة موضوعها النهضة النهضة الأدبية الحديثة في العراق ومن محاضراته في القاهرة اقدم مخطوط وصل الينا في وصف جزيرة العرب ومن مؤلفاته التاريخية كتاب أبو الفوطي مؤرخ العراق في ثلاثة اجزاء طبع منها اثنان فقط.
شعره غير المنشور في الديوان المطبوع توفيت زوجته قبله بعام واحد فنظم في رثائها مجموعة قصائد ومنها هاتان القصيدتان سماها رنين على الأجداث:
وقت السرور ووقت ما أشجاني * نعمى الحياة وبؤسها سيان دنيا تحيرنا وتبطل منطقي * ابدا وتعقد بالخطوب لساني ولقد نفى عني الشكوك وردها * برد اليقين ونعمة الايمان النزع نزع الروح موت أول * والجهل جهل الحال موت ثاني قد نستكين إلى الصلاح وطالما * غلبت علينا نزوة الحيوان ما بين مبدأه وبين معاده * ضلت وحارث فكرة الانسان في هيكلي كون كبير سره * ما زال عند مكون الأكوان يا ربة البيت الذي أودت به * وتخبطته بوائق الأزمان أعزز علي بان أراك أخيذة * بعد الكفاح، وشيكة الاذعان في ذمة الله اذهبي مبكية * منعوتة بالبر والاحسان معصومة مما يشين مصونة * مما يريب نقية الأردان من سار يحدوه الهوى غير الذي * اخذ الطريق على هدى القرآن عصف الردى بالطيبين أورمة * من رهطي الأدنى ومن إخواني بالسابقين فتوة ومروءة * والعاملين لرفعة الأوطان قد ترتقي همم وتشرف أنفس * تدع المحال بحيز الإمكان ومن الضنى، ملأ الحياة مرارة * ما هونوه بحكمة الديان لم يعيني الوصب الذي قاسيته * بعد اللقاء هو الذي أعياني وإذا اختبرت أصبت في أحوالكم * رأى الشيوخ ونجدة الشبان قال بعد مضير أربعين يوما على وفاتها:
جددوا العهد غداة الأربعين * وعلت زفرتهم لو تسمعين وتخلصنا إلى واعية * هزت الحي وما كنت تعين كنت عونا لهم فانقلبوا * كاليتامى، فقدوا حدب المعين يا سريرا أحدق الأهل به * ورنا القوم اليه جزعين أنهكتها علة موجعة * تركت كل ذويها وجعين حقق الله لها منزلة * بين حور في جنان الخلد عين ورع سيرته موروثة * من نساء ورجال ورعين أزمعت بينا، وليست وحدها * سترانا بعد حين مزمعين عشرة ما اعترضتها نبوة * أو هناة في سنين أربعين ما ادعينا كذبا في ودنا * فضح التجريب افك المدعين ملك الموت ينادي ابدا * كم صريع برماحي أو طعين ما دعا يوما إلى طيته * معشرا الا ولبوا مسرعين لا ترى من فارق بين ذوي * يسرة أو فقراء مدقعين طالما حدنا فعدنا للهدى * وتمردنا فابنا طيعين يا زمان القرب ممن رحلوا * جادك الغيث ورواك المعين قد بكيناك بشعر رائق * مستجاد من هواة مبدعين يا نزول الربع في أرض الحمى * كم طرقنا حيكم مرتبعين بعدت نجعتكم، فاغتربوا * واقتفوا آثاركم منتجعين أي ركب لم لم يغادر داره * ونزول لم تجدهم مقلعين 681:
السيد محسن الأمين بقلم: الأستاذ أكرم زعيتر أرسل الكاتب العربي الكبير الأستاذ أكرم زعيتر هذه الرسالة اثر تلقيه الجزء الأربعين المخصص لترجمة المؤلف:
وبعد فبينا كنت أعد برنامج مطالعة خاصا برمضان متسما بسمة الدين ابتغاء التفقه فيه قرأت اعلانا عن ترجمة السيد محسن الأمين في كتاب أعيان الشيعة ويمينا بالله وددت لو اظفر به وفكرت فيمن يشتري لي ذلك الجزء من بيروت ويبادر إلى إرساله. وما أعظم سروري حين تجلى علي الكاتب المنشود هدية منك! لقد أحسست بنشوة واعتبرت وصول الهدية إلي في هذا الوقت من كرامات الوالد العظيم، وأقبلت على مطالعته مشتاقا حتى إذا انتهيت منه تلوت فاتحة الكتاب هدية إلى روحه واعترافا بفضله علي فقد أزهر ايماني وضوأ قلبي، وكأني عايشته حياته الفخمة وكأنني تتلمذت له وما