وابتدر السوق أناس من شباب أهل الكوفة وأهل البصرة أغمار ليس لهم علم بالحرب فأخذوا يصيحون وليس لهم أمير يا ابن دومة يا ابن دومة فأشرف عليهم المختار فقال أما والله لو أن الذي يعيرني بدومة كان من القريتين عظيما ما عيرني بها وبصر بهم وبتفرقهم وهيئتهم وانتشارهم فطمع فيهم فقال لطائفة من أصحابه اخرجوا معي فخرج معه منهم نحو من مائتي رجل فكر عليهم فشدخ نحوا من مائة وهزمهم فركب بعضهم بعضا وأخذوا على دار فرات بن حيان العجلي ثم إن رجلا من بنى ضبة من أهل البصرة يقال له يحيى بن ضمضم كانت رجلاه تكاد أن تخطان الأرض إذا ركب من طوله وكان أقتل شئ للرجال وأهيبه عندهم إذا رأوه فأخذ يحمل على أصحاب المختار فلا يثبت له رجل صمد صمده وبصر به المختار فحمل عليه فضربه ضربة على جبهته فأطار جبهته وقحف رأسه وخر ميتا ثم إن تلك الامراء وتلك الرؤوس أقبلوا من كل جانب فلم تكن لأصحابه بهم طاقة فدخلوا القصر فكانوا فيه فاشتد عليهم الحصار فقال لهم المختار ويحكم إن الحصار لا يزيدكم إلا ضعفا أنزلوا بنا فلنقاتل حتى نقتل كراما ان نحن قتلنا والله ما أنا بآيس ان صدقتموهم أن ينصركم الله فضعفوا وعجزوا فقال لهم المختار أما أنا فوالله لا أعطى بيدي ولا أحكمهم في نفسي ولما رأى عبد الله بن جعدة بن هبيرة ابن أبي وهب ما يريد المختار تدلى من القصر بحبل فلحق بأناس من إخوانه فاختبى عندهم ثم إن المختار أزمع بالخروج إلى القوم حين رأى من أصحابه الضعف ورأى ما بأصحابه من الفشل فأرسل إلى امرأته أم ثابت بنت سمرة بن جندب الفزاري فأرسلت إليه بطيب كثير فاغتسل وتحنط ثم وضع ذلك الطيب على رأسه ولحيته ثم خرج في تسعة عشر رجلا فيهم السائب بن مالك الأشعري وكان خليفته على الكوفة إذا خرج إلى المدائن وكانت تحته عمرة بنت أبي موسى الأشعري فولدت له غلاما فسماه محمدا فكان مع أبيه في القصر فلما قتل أبوه وأخذ من في القصر وجد صبيا فترك ولما خرج المختار من القصر قال للسائب ماذا ترى قال الرأي لك فماذا ترى قال أنا أرى أم الله يرى قال بل الله يرى قال ويحك
(٥٦٩)