قبل أن يعلموا بموت معاوية فإنهم إن علموا بموت معاوية وثب كل امرئ منهم في جانب وأظهر الخلاف والمنابذة ودعا إلى نفسه لا أدرى أما ابن عمر فإني لا أراه يرى القتال ولا يحب أنه يولى على الناس إلا أن يدفع إليه هذا الامر عفوا فأرسل عبد الله بن عمرو بن عثمان وهو إذ ذاك غلام حدث إليهما يدعوهما فوجدهما في المسجد وهما جالسان فأتاهما في ساعة لم يكن الوليد يجلس فيها للناس ولا يأتيانه في مثلها فقال أجيبا الأمير يدعوكما فقال له انصرف الآن نأتيه ثم أقبل أحدهما على الآخر فقال عبد الله بن الزبير للحسين ظن فيما تراه بعث إلينا في هذه الساعة التي لم يكن يجلس فيها فقال حسين قد ظننت أرى طاغيتهم قد هلك فبعث إلينا ليأخذنا بالبيعة قبل أن يفشو في الناس الخبر فقال وأنا ما أظن غيره قال فما تريد أن تصنع قال أجمع فتياني الساعة ثم أمشى إليه فإذا بلغت الباب احتبستهم عليه ثم دخلت عليه قال فإني أخافه عليه إذا دخلت قال لا آتيه الا وأنا على الامتناع قادر فقام فجمع إليه مواليه وأهل بيته ثم أقبل يمشى حتى انتهى إلى باب الوليد وقال لأصحابه إني داخل فان دعوتكم أو سمعتم صوته قد علا فاقتحموا على بأجمعكم والا فلا تبرحوا حتى أخرج إليكم فدخل فسلم عليه بالامرة ومروان جالس عنده فقال حسين كأنه لا يظن ما يظن من موت معاوية الصلة خير من القطيعة أصلح الله ذات بينكما فلم يجيباه في هذا بشئ وجاء حتى جلس فأقرأه الوليد الكتاب ونعى له معاوية ودعاه إلى البيعة فقال حسين إنا لله وإنا إليه راجعون ورحم الله معاوية وعظم لك الاجر أماما سألتني من البيعة فإن مثلي لا يعطى بيعته سرا ولا أراك تجتزئ بها منى سرا دون أن نظهرها على رؤس الناس علانية قال أجل قال فإذا خرجت إلى الناس فدعوتهم إلى البيعة دعوتنا مع الناس فكان أمرا واحدا فقال له الوليد وكان يحب العافية فانصرف على اسم الله حتى تأتينا مع جماعة الناس فقال له مروان والله لئن فارقك الساعة ولم يبايع لا قدرت منه على مثلها أبدا حتى تكثر القتلى بينكم وبينه احبس الرجل ولا يخرج من عندك حتى يبايع أو تضرب عنقه فوثب عند ذلك الحسين فقال يا ابن الزرقاء أنت تقتلني أم هو كذبت والله وأثمت
(٢٥١)