انتصف الليل فكانت ليلة ارماث تدعى الهدأة وليلة أغواث تدعى السواد والنصف الأول يدعى السواد ثم لم يزل المسلمون يرون في يوم أغواث في القادسية الظفر وقتلوا فيه عامة أعلامهم وجالت فيه خيل القلب وثبت رجلهم فلولا أن خيلهم كرت أخذ رستم أخذا فلما ذهب السواد بات الناس على مثل ما بات عليه القوم ليلة ارماث ولم يزل المسلمون ينتمون لدن أمسوا حتى تفايؤا فلما أمسى سعد وسمع ذلك نام وقال لبعض من عنده إن تم الناس على الانتماء فلا توقظني فإنهم أقوياء على عدوهم وإن سكتوا ولم ينتم الآخرون فلا توقظني فإنهم على السواء فإن سمعتهم ينتمون فأيقظني فإن انتماءهم من السوء فقالوا ولما اشتد القتال بالسواد وكان أبو محجن قد حبس وقيد فهو في القصر فصعد حين أمسى إلى سعد يستعفيه ويستقيله فزبره ورده فنزل فأتى سلمى بنت خصفة فقال يا سلمى يا بنت آل خصفة هل لك إلى خير قالت وما ذاك قال تخلين عني وتعيريني البلقاء فلله علي إن سلمني الله أن أرجع إليك حتى أضع رجلي في قيدي فقالت وما أنا وذاك فرجع يرسف في قيوده ويقول كفى حزنا أن ترذى الخيل بالقنا * وأترك مشددا علي وثاقا إذا قمت عناني الحديد وأغلقت * مصاريع دوني قد تصم المناديا وقد كنت ذا مال كثير وإخوة * فقد تركوني واحدا لا أخا ليا ولله عهد لا أخيس بعهده * لئن فرجت أن لا أزور الحوانيا فقالت سلمى إني استخرت الله ورضيت بعهدك فأطلقته وقالت أما الفرس فلا أعيرها ورجعت إلى بيتها فاقتادها فأخرجها من باب القصر الذي يلي الخندق فركبها ثم دب عليها حتى إذا كان بحيال الميمنة كبر ثم حمل على ميسرة القوم يلعب برمحه وسلاحه بين الصفين فقالوا بسرجها وقال سعيد والقاسم عريا ثم رجع من خلف المسلمين إلى الميسرة فكبر وحمل على ميمنة القوم يلعب بين الصفين برمحه وسلاحه ثم رجع من خلف المسلمين إلى القلب فندر أمام الناس فحمل على القوم يلعب بين الصفين برمحه وسلاحه وكان يقصف الناس ليلتئذ قصفا منكرا وتعجب الناس
(٥٦)