فأصبحوا قد مسح الله ما بالغلامين وهم صيام وليس عندهم قليل ولا كثير، فانطلق علي رضي الله عنه إلى رجل من اليهود يقال له جار بن شمر اليهودي فقال: له أسلفني ثلاثة آصع من شعير، وأعطني جزة صوف يغزلها لك بيت محمد صلى الله عليه وسلم، قال فأعطاه فاحتمله على تحت ثوبه ودخل على فاطمة رضي الله عنها وقال: دونك فاغزلي هذا، وقامت الجارية إلى صاع من الشعير فطحنته وعجنته فخبزت منه خمسة أقراص وصلى علي عليه السلام المغرب مع النبي صلى الله عليه وسلم ورجع فوضع الطعام بين يديه وقعدوا ليفطروا وإذا مسكين بالباب يقول: يا أهل بيت محمد، مسكين من مساكين المسلمين على بابكم أطعموني أطعمكم الله على موائد الجنة، قال: فرفع على يده ورفعت فاطمة والحسين، وأنشأ يقول:
يا فاطمة ذات السداد واليقين * أما ترى البائس المسكين قد جاء إلى الباب له حنين * يشكو إلى الله ويستكين حرمت الجنة على الضنين * يهوى إلى النار إلى سجين فأجابته فاطمة:
أمرك يا ابن عم سمع طاعة * مالي من لوم ولا وضاعه أرجو إن أطعمت من مجاعة فدفعوا الطعام إلى المسكين. وذكر حديثا طويلا من هذا الجنس في كل يوم ينشد أبياتا وتجيبه فاطمة بمثلها من أرك الشعر وأفسده مما قد نزه الله عز وجل ذينك الفضيحتين [الفصيحين] عن مثله وأجلهما في إحالة الطفلين بإعطاء السائل الكل، فلم أر أن أطيل بذكر الحديث لركاكته وفظاعة ما حوى، وفى آخره أن النبي صلى الله عليه وسلم علم بذلك فقال: " اللهم أنزل على آل محمد كما أنزلت على مريم، ثم قال: ادخلي مخدعك، فدخلت. فإذا جفنة تفور مملوءة