الباب الثالث في الامر ابعاد [بانتقاد] الرجال والتحذير من الرواية عن الكذابين والبحث عن الحديث المباين للأصول مان [كان] السرب الأولى صافيا، فكان بعض الصحابة يسمع من بعض ويقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير ذكر رواة له، لأنه لا يشك في صدق الراوي. ودليل ذلك رواية أبي هريرة وابن عباس قصة " وأنذر عشيرتك الأقربين " وهذه قصة كانت بمكة في بدو [بدء] الاسلام وما كان أبو هريرة قد أسلم، وكان ابن عباس يصغر عن ذلك. وكذلك روى ابن عمر وقوف رسول الله صلى الله عليه وسلم على قليب بدر وابن عمر لم يحضر.
وروى المسور بن محرمه [مخرمة] ومروان بن الحكم قصة الحديبية وسنهما لا يحتمل ذلك لأنهما ولدا بعد الهجرة بسنين. وروى أنس بن مالك حديث انشقاق القمر بمكة، وقال البراء بن عازب: ليس كلما يحدثكموه سمعناه [سمعناه] من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن حدثنا أصحابنا ثم لم تزل الآفات تدب حتى وقعت التهم فاحتيج إلى اعتبار العدالة.
فمتى رأيت حديثا خارجا عن دواوين الاسلام، كالموطأ ومسند أحمد والصحيحين وسنن أبي داود ونحوها، فانظر فيه، فإن كان كان (1) له نظير من الصحاح والحسان قرب أمره، وإن ارتبت فيه ورأيته يباين الأصول فتأمل رجال إسناده وأم تبر أحوالهم من كتابنا المسمى بالضعفاء والمتروكين، فإنك تعرف وجه القدح فيه.
وقد يكون الاسناد كله ثقات ويكون الحديث موضوعا أو مقلوبا أو قد