يعتذرون عن الرواية عن أكابر الزيدية وأصحاب المذاهب، وذكر كتبهم في مصنفات أصحابنا بأنهم وإن كانوا مخطئين في الاعتقاد لكنهم كانوا ثقاتا في الحديث، فلاحظ كلام الماتن في ابن عقدة وغيره.
وبالجملة فمن كانت طريقته في الجرح والتعديل هذه، كيف يعتمد هو بنفسه على الضعيف وغير الثقة في الرواية عنه.
قلت: أما ما تقدم في جعفر الفزاري وأبي طالب الأنباري فهذا إنما كان من جهة الإتهام بالغلو والوضع. وترك الرواية عن مثلهما لا يلازم تركها عن كل من لم يصرح بتوثيق ولا قدح، على كلام في الرواية عنهما، ذكرناه في ترجمتهما، فلاحظ. وأما كون طريقة عامة مشايخ الحديث عدم الرواية عن غير الثقة فأمر عهدته على مدعيه. ومن تأمل فيما ذكرناه في هذه الموارد وجد في نفسه أن ذلك كله مما لا طريق إلى إثباته. ومجرد كون أحد من مشايخ الإجازة لا يقتضي عدم الرواية عن غير الثقة.
الأمر الرابع: أن الماتن (رحمه الله) يترحم على مشايخه عند ذكرهم، ولا يترحم على الضعيف.
قلت: وهذا موهون لا يخفى، وقد ترحم (رحمه الله) على ابن عياش الذي ترك حديثه لضعفه.
الأمر الخامس: قوله (رحمه الله) في محمد بن أحمد الإسكافي (ر 1050): وسمعت شيوخنا الثقات يقولون عنه...، إلخ.
قلت: السماع من الشيوخ الثقات مشعر بوجود غير الثقة فيهم ولا يقتضي كون جميع الشيوخ ثقاتا.