على غيره. بل وربما يترك الرواية عن الثقات كثيرا بالرواية عن مشايخهم ومن يكون السند به عاليا. ولعل ذلك هو الوجه في عدم رواية النجاشي عن غير واحد من ثقات مشايخ عصره كالشريف المرتضى، ومحمد بن الحسن بن حمزة الجعفري، وسلار بن عبد العزيز، ونظرائهم، لاشتراكه مع هؤلاء في الرواية عن مشايخهم كالمفيد وغيره.
وبالجملة فترك النجاشي الرواية عمن يكون به السند عاليا كان لغمض فيه، وفي ذلك قرينة على التزامه بعدم الرواية عن المطعون وغير الثقة.
قلت: لا ينحصر سبب ترك الحديث والرواية عن هؤلاء وأمثالهم في ضعفهم بل أمور ربما لا تخفى على المتأمل.
الأمر الثالث: إنه يظهر منه (رحمه الله) أن مشايخ الحديث وأعلام الرواة يجتنبون عن الرواية عن الضعيف، بل عن السماع منه، فكيف يروي هو عن الضعيف. وقد استعجب (رحمه الله) من روايتهم عن جعفر بن محمد بن مالك الفزاري في ترجمته (ر 313)، قال: كان ضعيفا في الحديث، قال أحمد بن الحسين: كان يضع الحديث وضعا، ويروي عن المجاهيل، وسمعت من قال: كان أيضا فاسد المذهب والرواية.
ولا أدري كيف روى عنه شيخنا النبيل الثقة أبو علي بن همام، وشيخنا الجليل الثقة أبو غالب الزراري، رحمهما الله.
وقال (رحمه الله) في ترجمة عبيد الله بن أبي زيد أبي طالب الأنباري (ر 617) بعد ذكر مدحه، ما لفظه: وكان أصحابنا البغداديون يرمونه بالارتفاع. له كتاب أضيف إليه، يسمى كتاب الصفوة. قال الحسين بن عبيد الله قدم أبو طالب بغداد واجتهدت أن يمكنني أصحابنا من لقائه فاسمع منه، فلم يفعلوا ذلك...، إلخ.
وغير ذلك مما نقف عليه في تضاعيف الكتاب، بل ترى تضعيف أصحابنا لغير واحد من الرواة بالاعتماد على المجاهيل والضعاف كما لا يخفى. وتراهم