وسمعت منه كثيرا، ثم توقفت عن الرواية عنه إلا بواسطة بيني وبينه.
وفي ترجمة إسحاق بن الحسن بن بكران أبي الحسن العقرابي التمار (ر 178)، قال: كثير السماع، ضعيف في مذهبه. رأيته بالكوفة وهو مجاور. وكان يروى كتاب الكليني (رحمه الله) عنه. وكان في هذا الوقت علوا، فلم أسمع منه شيئا...، إلخ. وقال في ترجمة الكليني: وأبو الحسين العقرابي يرويه عنه.
قلت: وقد أكد (رحمه الله) التزامه بعدم الرواية عن المطعون وشدة احتياطه في ذلك، بذكر المقتضي للرواية عن هؤلاء من كثرة سماعه وصداقته وصداقة والده (رحمه الله)، وكون الشيخ كثير السماع وكثير المشايخ، وكثير الاطلاع على الطرق والأسانيد بالسفر في طلب الحديث عمره، وكونه من أهل العلم والأدب القوي والفضل، وكونه ممن روى عن أكابر المشايخ، وممن يعلو به الإسناد.
وكان علو الإسناد مما يرجح به عند أهل الحديث من الفريقين، إذ كان الشيباني والعقرابي من تلامذة الكليني وممن روى عنه، وكان ابن عياش في طبقة مشايخ مشايخ النجاشي، وقد روى بعض مشايخه ومن في طبقتهم عن ابن عياش، مثل المفيد، وابن الغضائري، وابن عبدون، وابن أبي جيد، وأضرابهم.
ثم إن ضعف هؤلاء مذهبا، كما صرح به في العقرابي، وهو الظاهر في غيره، إذا أوجب ترك الرواية عنهم مع امكان وثاقتهم في النقل، كما صرح به الأصحاب في جماعة من الواقفية والفطحية، وغيرهم من أصحاب المذاهب الباطلة، فيقتضي ترك الرواية عمن لا يوثق به في النقل بوجه أولى.
وحينئذ فالتعليل المذكور يقتضي التزامه بعدم الرواية عمن لا يوثق به ويطعن فيه. هذا غاية تقريب الاستدلال بهذا الوجه.
قلت: وللنظر في ذلك مجال، إذ ترك الرواية عن المطعون والضعيف مذهبا إنما يقتضى بالأولوية ترك الرواية عن المطعون والضعيف رواية، لا ترك الرواية