ثم إن هذا الوجه وهو سقوط الأمارة بالكلية ضعيف في نفسه، لأن الوقوف على رواية هؤلاء عن الضعاف لا تنافي الأمارة العامة على الوثاقة، وليست مقيدة بما إذا لم يقف على الرواية عن الضعيف حتى تسقط بمجرد الوقوف عليها، كما هو ظاهر.
والتنافي يتوقف على أمرين:
أحدهما: كون الضعيف الذي روى هؤلاء عنه ضعيفا في النقل والرواية، وإلا فالضعف بالمذهب أو غيره لا ينافي الوثاقة في النقل. بل الجمع العرفي بين تضعيفه وبين رواية هؤلاء عنه يقتضي القول بالوثاقة في النقل، والضعف في المذهب أو غيره. تمسكا بالنص من كل الأمارتين، والتصرف في الظاهر من كل منهما على ما هو الجمع العرفي في أمثال المقام.
ثانيهما: صدور التوثيق العام والتضعيف من واحد وإلا فلا تنافي، إذ التوثيق العام يقتضي كون مشايخ من عرف بأنه لا يروي إلا عن ثقة، ثقة عنده، لا عند الجميع.
وحينئذ فالثقة الذي روى عنه أحد هؤلاء قد يكون ضعيفا عند غيره، فلا تناقض الرواية عن مثله مع الشهادة بأنه لا يروي إلا عن ثقة. بل ربما يتبدل رأيه فيعتقد بوثاقة من ضعفه سابقا، ثم يروي عنه. فلا تكون الرواية عنه حينئذ منافية للشهادة بأنه لا يروي إلا عن ثقة. وربما يكون التضعيف عولا على غيره ويعتقد الوثاقة، ومقام الاستدلال ربما يقتضي الاكتفاء به، كما وقفنا على مثله في كلام المحقق في المعتبر، بل وغيره أيضا.
وعلى هذا فشهادة النجاشي بأن جعفر بن بشير البجلي روى عن الثقات ورووا عنه، إنما تنافيها الوقوف على روايته عن رجل ضعفه النجاشي لا من ضعفه غيره، وقد استوفينا القول في رواية من عرف بأنه لا يروى إلا عن