احتج القائلون بالجمع المطلق من تسعة أوجه:
الأول: أنه لو كانت الواو في قول القائل: رأيت زيدا وعمرا للترتيب، لما صح قوله تعالى: (ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة) * (2) البقرة: 58) في آية، وفي آية أخرى:
* (وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدا) * (7) الأعراف: 161) مع اتحاد القضية، لما فيه من جعل المتقدم متأخرا، والمتأخر متقدما.
الثاني: أنه لو كانت للترتيب، لما حسن قول القائل: تقاتل زيد وعمرو إذ لا ترتيب فيه.
الثالث: أنه كان يلزم أن يكون قول القائل: جاء زيد وعمرو كاذبا عند مجيئهما معا، أو تقدم المتأخر، وليس كذلك.
الرابع: أنه كان يلزم أن يكون قوله: رأيت زيدا وعمرا بعده تكريرا، وقبله تناقضا.
الخامس: أنها لو كانت للترتيب، لما حسن الاستفسار عن تقدم أحدهما، وتأخر الآخر، لكونه مفهوما من ظاهر العطف.
السادس: أنه كان يجب على العبد الترتيب، عند قول سيده له، إيت بزيد وعمرو.
السابع: هو أن واو العطف في الأسماء المختلفة جارية مجرى واو الجمع، وفي الأسماء المتماثلة مجرى ياء التثنية، وهما لا يقتضيان الترتيب، فكذلك ما هو جار مجراهما.
الثامن: أن الجمع المطلق معقول، فلا بد له من حرف يفيده، وليس ثم من الحروف ما يفيده سوى الواو بالاجماع فتعين أن يكون هو الواو.
التاسع: أنها لو أفادت الترتيب، لدخلت في جواب الشرط كالفاء، ولا يحسن أن يقال: إذا دخل زيد الدار وأعطه درهما كما يحسن أن يقال: فأعطه درهما.
ولقائل أن يقول: على الوجه الأول: إذا كان من أصل المخالف أن الواو ظاهرة في الترتيب، فلا يمنع ذلك من حملها على غير الترتيب تجوزا، وعلى هذا فحيث تعذر حملها على الترتيب في الآيتين المذكورتين، لا يمنع من استعمالها في غير الترتيب بجهة التجوز.