المسلك الثالث: إنه لو جاز أن يحكموا من غير مستند، لجاز ذلك لكل واحد منهم، فإنهم إنما يجمعون على الحكم بأن يقول كل واحد به، ولو جاز ذلك لآحادهم، لم يكن للجمع في ذلك مزية على الآحاد.
ولقائل أن يقول: المزية للجمع على الآحاد من وجهين:
الأول أن إجماعهم يكون حجة بخلاف قول كل واحد من الآحاد.
الثاني أن جواز ذلك للآحاد مشروط بضم قول الباقي إليه، لا أنه جائز من غير ضم، ولا كذلك قول الجميع، فإنه جائز على الاطلاق.
المسلك الرابع: إن القول في الدين من غير دلالة ولا أمارة خطأ، فلو اتفقوا عليه كانوا مجمعين على الخطأ، وذلك محال قادح في الاجماع.
ولقائل أن يقول: متى يكون ذلك خطأ إذا لم تجمع الأمة عليه، أو إذا أجمعت؟ الأول مسلم، والثاني دعوى محل النزاع.
المسلك الخامس: إن المقالة إذا لم تستند إلى دليل لا يعلم انتسابها إلى وضع الشارع، وما يكون كذلك لا يجوز الاخذ به.
ولقائل أن يقول: إما أن يراد بأنه لا يعرف انتسابها إلى وضع الشارع، أنه لا يعرف ذلك عن دليل شرعي، أو أنه لا يعلم كونها مصيبة لحكم الشارع أو معنى آخر:
الأول مسلم، وهذا هو عين صورة الواقع المختلف فيه.
والثاني دعوى محل النزاع، والثالث فلا بد من تصويره والدلالة عليه.