يكون ناقله مجتهدا. وإن قلنا إن العوام داخلة في الاجماع، ومع ذلك فعدد الجميع دون عدد التواتر، فلا يلزم أيضا انقطاع ذلك لامكان إدامة الله ذلك بأخبار المسلمين وأخبار الكفار معهم، وإن كانوا لا يعترفون بنبوة محمد عليه السلام، وبخبر العدد القليل لاحتفاف القرائن المفيدة للعلم بأخبارهم، ويدل على ذلك قوله عليه السلام: لا تزال طائفة من أمتي تقوم بالحق حتى يأتي أمر الله، وبتقدير عدم ذلك كله فانقطاع التكليف وانتهاء الاسلام غير ممتنع عقلا ولا شرعا. ولذلك قال عليه السلام: أول ما يفقد من دينكم الأمانة، وآخر ما يفقد الصلاة وقال عليه السلام: إن الله لا ينزع العلم من صدور الرجال، ولكن ينزع العلم بقبض العلماء، فإذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا، فإذا سئلوا أفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا.
وعن السؤال الثاني انه لا بعد في حصول العلم بخبرهم بما يحتف به من القرائن، بل ولا بعد في ذلك، وأن كان المخبر واحدا، وأن يخلق الله لنا العلم الضروري بذلك.
وعن السؤال الثالث أذلك مما اختلف فيه جواب الأصحاب فمنهم من قال إن قوله يكون حجة متبعة، لأنه إذا لم يوجد من الأمة سواه، صدق عليه إطلاق لفظ (الأمة)، ودليله قوله تعالى: * (إن إبراهيم كان أمة قانتا) * (16) النحل: 120) أطلق لفظ (الأمة) عليه وهو واحد. والأصل في الاطلاق الحقيقة وإذا كان أمة كانت النصوص السابق ذكرها متناولة له حسب تناولها للجمع الكثير.
ومنهم من أنكر ذلك مصيرا منه إلى أن لفظ (الاجماع) مشعر بالاجتماع، وأقل ما يكون ذلك من اثنين فصاعدا.