فالأول: كقولنا في الدلالة على حدوث العالم: العالم مؤلف، وكل مؤلف حادث، فيلزم عنه العالم حادث.
والثاني: كالنصوص من الكتاب، والسنة، والاجماع، والقياس، كما يأتي تحقيقه.
والثالث: كقولنا في الدلالة على تحريم النبيذ: النبيذ مسكر، وكل مسكر حرام - لقوله، عليه السلام: كل مسكر حرام - فيلزم عنه النبيذ حرام.
وأما النظر، فإنه قد يطلق في اللغة بمعنى الانتظار، وبمعنى الرؤية بالعين، والرأفة، والرحمة، والمقابلة، والتفكر، والاعتبار. وهذا الاعتبار الأخير هو المسمى بالنظر في عرف المتكلمين.
وقد قال القاضي أبو بكر في حده: هو الفكر الذي يطلب به من قام به علما أو ظنا.
وقد احترز بقوله: يطلب به عن الحياة وسائر الصفات المشروطة بالحياة، فإنها لا يطلب بها ذلك، وإن كان من قامت به يطلبه. وقصد بقوله: علما أو ظنا التعميم للعلم والظن، ليكون الحد جامعا، وهو حسن، غير أنه يمكن أن يعبر عنه بعبارة أخرى، لا يتجه عليها من الاشكالات ما قد يتجه على عبارة القاضي، على ما بيناه في أبكار الأفكار وهو أن يقال: النظر عبارة عن التصرف بالعقل في الأمور السابقة بالعلم والظن، للمناسبة للمطلوب بتأليف خاص، قصدا لتحصيل ما ليس حاصلا في العقل وهو عام للنظر المتضمن للتصور والتصديق، والقاطع والظني، وهو منقسم إلى ما وقف الناظر فيه على وجه دلالة الدليل على المطلوب،