وأيضا فإنا نعلم أن كل أحد منهي عن الزنى وشرب الخمر، وقتل النفس بغير حق، إلى غير ذلك من المعاصي. ومع ذلك فإن من مات، ولم يصدر عنه بعض المعاصي، نعلم أن الله قد علم منه أنه لا يأتي بتلك المعصية، فكان معصوما عنها ضرورة تعلق علم الله بأنه لا يأتي بها، ومع ذلك فهو منهي عنها.
وأما خبر معاذ فإنما لم يذكر فيه الاجماع، لأنه ليس بحجة في زمن النبي عليه السلام، فلم يكن مؤخرا لبيانه مع الحاجة إليه.
وقوله عليه السلام: بدئ الاسلام غريبا وسيعود كما بدأ لا يدل على أنه لا يبقى من تقوم الحجة بقوله بل غايته أن أهل الاسلام هم الأقلون وقوله: لا ترجعوا بعدي كفارا فيحتمل أنه خطاب مع جماعة معينين، وإن كان خطابا مع الكل، فجوابه ما سبق في آيات المناهي للأمة.
وقوله: حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا الحديث إلى آخره، غايته الدلالة على جواز انقراض العلماء، ونحن لا ننكر امتناع وجود الاجماع مع انقراض العلماء، وإنما الكلام في اجتماع من كان من العلماء. وعلى هذا، يكون الجواب عن باقي الأحاديث الدالة على خلو الزمان من العلماء. كيف وأن ما ذكروه معارض بما يدل على امتناع خلو عصر من الاعصار عمن تقوم الحجة بقوله.
وهو قوله عليه السلام: لا تزال طائفة من أمتي على الحق حتى يأتي أمر الله، وحتى يظهر الدجال وأيضا ما روي أنه قال: وا شوقاه إلى إخواني قالوا: يا رسول الله ألسنا إخوانك؟ فقال: أنتم أصحابي، إخواني قوم يأتون من بعدي يهربون بدينهم من شاهق إلى شاهق، ويصلحون إذا فسد الناس.
وما ذكروه من المعقول في المسألتين السابقتين، فقد سبق جوابه.