قولهم العام بعد التخصيص لا يبقى حجة، سنبطله فيما يأتي.
وأما السؤال الخامس: فجوابه أن الله تعالى أخبر عنهم بكونهم عدولا، والأصل أن يكون كذلك حقيقة في نفس الامر لكونه عالما بالخفيات، فإن الحكيم إذا علم من حال شخص أنه غير عدل في نفس الامر، لا يخبر عنه بأنه عدل.
وجواب السادس أنه إذا ثبت وصفهم بالعدالة في نفس الامر فيما يخبرون به مما يرونه من الأحكام الشرعية، يجب صدقهم فيه، وإلا لما كانوا عدولا في نفس الامر، وإذا كانوا صادقين فيه، فهو صواب، لكونه حسنا فهو حسن عند الله، لقوله عليه السلام: ما رآه المسلمون حسنا فهو حسن عند الله وإذا كان صوابا، كان خلافة خطأ وهو المطلوب.
وجواب السابع أنه لا سبيل إلى حمل لفظ الأمة على كل من آمن بالرسول إلى يوم القيامة، لما سبق في الآية الأولى ولا على من كان موجودا في زمن النبي عليه السلام لا غير، لان أقوالهم غير محتج بها في زمنه، ولا وجود لهم بعد وفاته، فإن كثيرا منهم مات بعد الخطاب بهذه الآية، قبل وفاة النبي عليه السلام فلا يبقى لقوله تعالى: * (لتكونوا شهداء على الناس) * (2) البقرة: 143) فائدة فيجب حمله على أهل كل عصر، تحقيقا لفائدة كونهم شهداء.
الآية الثالثة قوله تعالى: * (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف، وتنهون عن المنكر) * (3) آل عمران: 110) والألف واللام إذا دخلت على اسم الجنس عمت، على ما سيأتي، ومقتضى صدق الخبر بذلك أمرهم بكل معروف، ونهيهم عن كل منكر، فإذا أمروا بشئ إما أن يكون معروفا أو منكرا، لا جائز أن يكون منكرا، وإلا لكانوا ناهين عنه ضرورة العمل بالعموم الذي ذكرناه، لا أمرين به، وإن كان