أو يتوقف، الأول محال، وإلا كان كل موجود حادثا هكذا، ويلزم منه سد باب إثبات واجب الوجود، وإن توقف، فذلك المرجح إن كان من فعل العبد عاد التقسيم، وهو تسلسل ممتنع. وإن كان من فعل غيره، فإما أن يجب وقوع الفعل، أو لا يجب. وإذا لم يجب، كان ممتنعا أو جائزا. والأول محال، وإلا كان المرجح مانعا، وإن كان الثاني، عاد التقسيم بعينه، وهو ممتنع فلم يبق سوى الوجوب. والعبد إذ ذاك يكون مجبورا لا مخيرا، وهو عين التكليف بما لا يطاق.
الثالثة: أن قدرة العبد غير مؤثرة في فعله، وإلا كانت مؤثرة فيه حال وجوده، وفيه إيجاد الموجود أو قبل وجوده، ويلزم من ذلك أن يكون تأثير القدرة في المقدور مغايرا له لتحقق التأثير في الزمن الأول دونه. والكلام في ذلك التأثير وتأثير مؤثره فيه، كالأول، وهو تسلسل ممتنع، والقدرة غير مؤثرة في الفعل، وهو المطلوب.
الرابعة: أن العبد مكلف بالفعل قبل وجود الفعل، والقدرة غير موجودة قبل الفعل، لأنها لو وجدت، لكان لها متعلق، ومتعلقها لا يكون عدما، لأنه نفي محض، فلا يكون أثرا لها، فكان وجودا، ولزم من ذلك أن تكون موجودة مع الفعل لا قبله.
الخامسة: أن العبد مأمور بالنظر لقوله تعالى: * (قل انظروا) * (10) يونس: 101) والنظر متوقف على القضايا الضرورية، قطعا للتسلسل، وهي متوقفة على تصور مفرداتها، وهي غير مقدورة التحصيل، لأنه إن كان عالما بها، فتحصيل الحاصل محال، وإن لم يكن عالما بها، فطلبها محال. فالنظر يكون ممتنع التحصيل.
وهذه الحجج ضعيفة جدا:
أما الحجة الأولى: فلقائل أن يقول: ما المانع أن يكون وجود الفعل مع رجحان الداعي إلى الفعل، قوله لأنه صار الفعل واجبا. قلنا صار واجبا بالداعي إليه والاختيار له، أو لذاته. الأول مسلم، والثاني ممنوع. وعلى هذا خرج العبد عن كونه مكلفا بما لا يطاق ثم يلزم عليه أن تكون أفعال الرب تعالى غير مقدورة بعين ما ذكروه وهو ممتنع. فما هو الجواب عن أفعال الله يكون مشتركا.