بجميع أجزاء حركاته، في جميع حالاته، ولا سيما في حالة إسراعه، فلا يكون خالقا لها.
المسلك الثاني: إن إجماع السلف منعقد قبل وجود المخالفين من الثنوية على أن الله تعالى مكلف بالايمان لمن علم أنه لا يؤمن، كمن مات على كفره، وهو تكليف بما يستحيل وقوعه، لأنه لو وقع لزم أن يكون علم الباري تعالى جهلا وهو محال فإن قيل: أما المسلك الأول، وإن سلمنا أن العبد لا بد وأن يكون عالما بما يخلقه من أفعاله، لكن من جهة الجملة أو من جهة التفصيل. الأول لا سبيل إلى نفيه، والثاني ممنوع. وإن سلمنا دلالة ما ذكرتموه على أن العبد غير خالق لفعله، لكنه معارض بما يدل على خلقه له. ودليله المعقول والمنقول:
أما المعقول، فهو أن قدرة العبد ثابتة بالاجماع منا ومنكم على فعله، فلو لم تكن هي المؤثرة فيه، لا انتفي الفرق بين المقدور وغيره، وكان المؤثر فيه غير العبد، ويلزم منه وجود مقدور بين قادرين، ولما وقع الاختلاف بين القوي والضعيف، ولجاز أن يكون متعلقه بالجواهر والألوان، كما في العلم، ولكان العبد مضطرا بما خلف فيه من الفعل لا مختارا،