(ان الله يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء ويمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء وعنده أم الكتاب وقال فكل أمر يريد الله فهو في علمه قبل أن يصنعه ليس شئ يبدو له إلا وقد كان في علمه ان الله لا يبدو له من جهل).
ومنها ما رواه عن عمار بن موسى عن أبي عبد الله (ع) سئل عن قول الله يمحو الله الخ قال: (ان ذلك الكتاب كتاب يمحو الله ما يشاء ويثبت فمن ذلك الذي يرد الدعاء القضاء وذلك الدعاء مكتوب عليه الذي يرد به القضاء حتى إذا صار إلى أم الكتاب لم يغن الدعاء فيه شيئا) ومنها غيرها من الروايات الدالة على ذلك.
فالنتيجة على ضوء هذه الروايات هي أن البداء يستحيل ان يقع في القسم الأول من القضاء المعبر عنه باللوح المحفوظ وبأم الكتاب والعلم المخزون عند الله، بداهة أنه كيف يتصور البداء فيه وان الله سبحانه عالم بكنه جميع الأشياء بشتى ألوانها منذ الأزل لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء.
نعم هذا العلم منشأ لوقوع البداء يعني أن انسداد باب هذا العلم لغيره تعالى حتى الأنبياء والأوصياء والملائكة أوجب وقوع البداء في بعض اخباراتهم، وكذا الحال في القسم الثاني من القضاء نظرا إلى أن العقل يستقل باستحالة تكذيب الله تعالى نفسه أو أنبيائه.
وأما القسم الثالث فهو مورد لوقوع البداء ولا يلزم من الالتزام بالبداء فيه أي محذور كنسبة الجهل إلى الله سبحانه وتعالى ولا ما ينافي عظمته وجلاله ولا الكذب حيث إن أخباره تعالى بهذا القضاء لنبيه أو وليه ليس على نحو الجزم وألبت، بل هو معلق بعدم مشيئته بخلافه، فإذا تعلقت المشيئة على الخلاف لم يلزم الكذب، فان ملاك صدق هذه