محاضرات في أصول الفقه - آية الله العظمى الشيخ إسحاق الفياض - ج ٥ - الصفحة ٣٤٠
إلى ذاته سبحانه وتعالى ولا بالإضافة إليهم عليهم السلام (1).
(1) ولو أغمضنا عن تلك الروايات وافترضنا أنه لم تكن في المسألة أية رواية من روايات الباب فما هو موقف العقل فيها الظاهر بل لا ريب في أن موقفه هو موقف الروايات الدالة على أن قضاء الله تعالى على ثلاثة أنواع والسبب في ذلك أن العقل يدرك على السبيل الحتم والجزم ان البشر مهما بلغ من الكمال ذروته كنبينا محمد (ص) يستحيل أن يحيط بجميع ما في علم الله سبحانه وتعالى هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى ان جريان البداء ووقوعه في الخارج بنفسه دليل على ذلك حيث أنه يستحيل جريانه في علمه تعالى لاستلزامه الجهل بالواقع (تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا).
وقد ثبت على ضوء الكتاب والسنة والعقل الفطري ان الله سبحانه عالم بجميع الكائنات بشتى أنواعها وأشكالها، ولا يعزب عن علمه مثقال ذرة لا في السماء ولا في الأرض، وكذا يستحيل جريانه في القضايا التي أخبر بوقوعها ملائكته ورسله على سبيل الحتم والجزم فان الله تعالى يستحيل أن يكذب نفسه أو ملائكته أو رسله.
وعليه فبطبيعة الحال يجري البداء في القضايا التي أخبر بوقوعها لهم معلقا بتعلق مشيئته به أو بعدم تعلقها على خلافه المعبر عنه بعالم المحو والاثبات والنكتة في وقوعه فيها هو ان الله تعالى يعلم بعدم الوقوع من جهة علمه بعدم وقوع ما علق عليه في الخارج بعلمه المكنون والمخزون عنده لا يحيط به غيره أبدا.
وأما من أخبره تعالى بوقوعها على نحو التعليق فهو حيث لا يعلم بعدم وقوع المعلق عليه فيه فلأجل ذلك قد يظهر ويبدو خلاف ما أخير به وهذا هو البداء بالمعنى الذي تقول به الشيعة الإمامية ولا يستلزم كذب ذلك