في المفهوم، لوضوح ان ظهورها فيه يمنع عن كون مورد المفهوم فردا للعام، وقد عرفت انه لا نظر لها إلى كون هذا المورد فردا لها أولا، فإذا كيف يعقل أن يكون مزاحما لما يدل على كون هذا المورد ليس فردا لها. أو فقل: ان جواز التمسك بعموم العام في مورد لاثبات حكم له يتوقف على كون ذلك المورد في نفسه فردا للعام.
والمفروض ان كونه فردا له يتوقف على عدم دلالة القضية على المفهوم والا لم يكن فردا له، ومعه كيف يعقل أن يكون عموم العام مانعا عن دلالتها عليه وإلا لزم الدور نظرا إلى أن عموم العام يتوقف على كون المورد في نفسه فردا للعام وهو يتوقف على عدم دلالة القضية على المفهوم فلو كان ذلك متوقفا على عموم العام لزم الدور لا محالة.
ثم إنه لا فرق في ذلك بين كون العام متصلا بماله المفهوم في الكلام وكونه منفصلا عنه. فإنه على كلا التقديرين يتقدم المفهوم على العام حيث إن النكتة التي ذكرناها لتقديمه عليه لا يفرق فيها بين الصورتين.
واما إذا لم يكن أحدهما حاكما على الآخر فعندئذ إن كان تقديم أحدهما على الآخر موجها لالغاء عنوان المأخوذ في موضوعه دون العكس تعين العكس ويكون ذلك من أحد المرجحات عند العرف.
ولنأخذ لذلك بمثالين:
أحدهما: ان - ما دل على اعتصام ماء البئر وعدم انفعاله بالملاقاة كصحيحة ابن بزيع - معارض بما دل على انفعال الماء القليل كمفهوم قوله عليه السلام: (إذا بلغ الماء قدر كر لا ينجسه شئ) بيان ذلك ان الاستدلال بالصحيحة على اعتصام ماء البئر تارة بملاحظة التعليل الوارد فيها وهو قوله (ع) (لان له مادة).
وأخرى بملاحظة صدرها بدون حاجة إلى ضم التعليل الوارد فيها