استخراج دواء مخصوص من قلبه يتم به انقاذ انسانين من الموت إذا لوحظ من زاوية المصالح والمفاسد فقط، فالمصلحة أكبر من المفسدة، ومع هذا لا يشك أحد في أن هذا ظلم وقبيح عقلا، فالحسن والقبح اذن ليسا تابعين للمصالح والمفاسد بصورة بحتة بل لهما واقعية تلتقي مع المصالح والمفاسد في كثير من الأحيان وتختلف معها أحيانا.
والمشهور بين علمائنا الملازمة بين الحكم العملي العقلي والحكم الشرعي. وهناك من ذهب إلى استحالة حكم الشارع في موارد الحكم العملي العقلي بالحسن والقبح، فهذان اتجاهان.
اما الاتجاه الأول فقد قرب بان الشارع أحد العقلاء وسيدهم فإذا كان العقلاء متطابقين بما هم عقلاء على حسن شئ وقبحه فلا بد أن يكون الشارع داخلا ضمن ذلك أيضا.
والتحقيق انا تارة نتعامل مع الحسن والقبح بوصفهما امرين واقعيين يدركهما العقل، وأخرى بوصفهما مجعولين عقلائيين رعاية للمصالح العامة، فعلى الأول لا معنى للتقريب المذكور لان العقلاء بما هم عقلاء انما يدركون الحسن والقبح ولا شك في أن الشارع يدرك ذلك، وانما الكلام في أنه هل يجعل حكما تشريعيا على طبقهما أولا؟ وعلى الثاني ان أريد استكشاف الحكم الشرعي بلحاظ ما أدركه العقلاء من المصالح العامة التي دعتهم إلى التحسين والتقبيح، فهذا استكشاف للحكم الشرعي بالحكم العقلي النظري لا العملي لان مناطه هو إدراك المصلحة ولا دخل للحسن والقبح فيه، وان أريد استكشاف الحكم الشرعي بلحاظ حكم العقلاء وجعلهم الحسن والقبح فلا مبرر لذلك، إذ لا برهان على لزوم صدور جعل من الشارع يماثل ما يجعله العقلاء.
واما الاتجاه الثاني فقد قرب بان جعل الشارع للحكم في مورد حكم العقل بالحسن والقبح لغو لكفاية الحسن والقبح للإدانة والمسؤولية والمحركية.