في ذلك، وانما الاشكال في معنى عدم الابتلاء الذي يتعين عقلا اخذه شرطا في التكليف فهل هو بمعنى أن لا يكون مأمورا بالضد، أو بمعنى أن لا يكون مشغولا بامتثال الامر بالضد، والأول يعني ان كل مكلف بأحد الضدين لا يكون مأمورا بضده سواء كان بصدد امتثال ذلك التكليف أو لا. والثاني يعني سقوط الامر بالصلاة عمن كلف بالانقاذ لكن لا بمجرد التكليف بل باشتغاله بامتثاله، فمع بنائه على العصيان وعدم الانقاذ يتوجه إليه الامر بالصلاة، وهذا ما يسمى بثبوت الامرين بالضدين على نحو الترتب.
وقد ذهب صاحب الكفاية - رحمه الله - إلى الأول مدعيا استحالة الوجه الثاني لأنه يستلزم في حالة كون المكلف بصدد عصيان التكليف بالانقاذ أن يكون كلا التكليفين فعليا بالنسبة إليه. اما التكليف بالانقاذ فواضح لان مجرد كونه بصدد عصيانه لا يعني سقوطه، واما الامر بالصلاة فلان قيده محقق بكلا جزئيه لتوفر القدرة التكوينية، وعدم الابتلاء بالضد بالمعنى الذي يفترضه الوجه الثاني، وفعلية الامر بالضدين معا مستحيلة فلا بد اذن من الالتزام بالوجه الأول فيكون التكليف بأحد الضدين بنفس ثبوته نافيا للتكليف بالضد الآخر.
وذهب المحقق النائيني - رحمه الله - إلى الثاني وهذا هو الصحيح وتوضيحه ضمن النقاط الثلاث التالية:
النقطة الأولى: ان الامرين بالضدين ليسا متضادين بلحاظ عالم المبادئ، إذ لا محذور في افتراض مصلحة ملزمة في كل منهما، وشوق أكيد لهما معا ولا بلحاظ عالم الجعل، كما هو واضح، وانما ينشأ التضاد بينهما بلحاظ التنافي، والتزاحم بينهما في عالم الامتثال، لان كلا منهما بقدر ما يحرك نحو امتثال نفسه يبعد عن امتثال الآخر.
النقطة الثانية: ان وجوب أحد الضدين إذا كان مقيدا بعدم امتثال التكليف بالضد الآخر، أو بالبناء على عصيانه فهو وجوب مشروط على