يشملهم التخصيص، وعلى الثاني تسقط حجية الظواهر التضمنية جميعا ولا يبقي دليل حينئذ على أن الحكم هل يشمل تمام الباقي أو لا؟
وقد ذهب بعض الأصوليين إلى سقوط الظواهر، والدلالات التضمنية جميعا عن الحجية، وذلك لان ظهور الكلام في الشمول لكل واحد من المائة في المثال المذكور، انما هو باعتبار نكتة واحدة وهي الظهور التصديقي لأداة العموم في أنها مستعملة في معناها الحقيقي وهو الاستيعاب. وبعد ان علمنا ان الأداة لم تستعمل في الاستيعاب بدليل ورود المخصص، واخراج عشرة من المائة نستكشف ان المتكلم خالف ظهور حاله، واستعمل اللفظ في المعنى المجازي وبهذا تسقط كل الظواهر الضمنية عن الحجية لأنها كانت تعتمد على هذا الظهور الحالي الذي علم بطلانه، وفي هذه الحالة يتساوى افتراض ان تكون الأداة في المثال مستعملة في التسعين أو في تسعة وثمانين لان كلا منهما مجاز، وأي فرق بين مجاز ومجاز؟
وقد أجاب على ذلك جملة من المحققين كصاحب الكفاية - رحمه الله - بان المخصص المنفصل لا يكشف عن مخالفة المتكلم لظهور حاله في استعمال الأداة في معناها الحقيقي، وانما يكشف فقط عن عدم تعلق ارادته الجدية باكرام الافراد الذين تناولهم المخصص، فبالامكان الحفاظ على هذا الظهور وهو ما كنا نسميه بالظهور التصديقي الأول فيما تقدم، ونتصرف في الظهور التصديقي الثاني وهو ظهور حال المتكلم في أن كل ما قاله، وأبرزه باللفظ مراد له جدا، فان هذا الظهور لو خلي وطبعه يثبت ان كل ما يدخل في نطاق المعنى المستعمل فيه فهو مراد جدا. غير أن المخصص يكشف عن أن بعض الافراد ليسوا كذلك فكل فرد كشف المخصص عن عدم شمول الإرادة الجدية لهم نرفع اليد عن الظهور التصديقي الثاني بالنسبة إليه، وكل فرد لم يكشف المخصص عن ذلك فيه نتمسك بالظهور التصديقي الثاني، لاثبات حكم العام له.