أساس ما يخيل لأبناء العرف، نتيجة للتجارب الشخصية - من استقرار اللغة وثباتها، فان الثبات النسبي، والتطور البطئ للغة يوحي للافراد الاعتياديين بفكرة عدم تغيرها وتطابق ظواهرها على مر الزمن، وهذا الايحاء وان كان خادعا، ولكنه على اي حال إيحاء عام استقر بموجبه البناء العقلائي على إلغاء احتمال التغيير في الظهور باعتباره حالة استثنائية نادرة تنفي بالأصل، وبامضاء الشارع للبناء المذكور نثبت شرعية أصالة عدم النقل، أو أصالة الثبات، ولا يعني الامضاء تصويب الشارع للايحاء المذكور، وانما يعني من الناحية التشريعية جعله احتمال التطابق حجة ما لم يقم دليل على خلافه.
ولا شك أيضا في أن المتشرعة الذين عاصروا المعصومين خلال أجيال عديدة طيلة قرنين ونصف من الزمان، كانت سيرتهم على العمل بأصالة عدم النقل، وعلى الاستناد في أواسط هذه الفترة وأواخرها إلى ما يرونه من ظواهر الكلام الصادر في بدايات تلك الفترة مع أنها كانت فترة حافلة بمختلف المؤثرات، والتجديدات الاجتماعية، والفكرية التي قد يتغير الظهور بموجبها.
ولكن أصالة عدم النقل لا تجري فيما إذا علم بأصل التغير في الظهور أو الوضع، وشك في تاريخه لعدم انعقاد البناء العقلائي في هذه الحالة على افتراض عدم النقل في الفترة المشكوكة، والسر في ذلك أن البناءات العقلائية انما تقوم على أساس حيثيات كشف عامة نوعية فحينما يلغى احتمال النقل عرفا يستند العقلاء في تبرير ذلك إلى أن النقل حالة استثنائية في حياة اللغة بحسب نظرهم، واما حيث تثبت هذه الحالة الاستثنائية فلا تبقى حيثية كشف مبررة للبناء على نفي احتمال تقدمها.
بل لا يخلو التمسك بأصالة عدم النقل من اشكال في الموارد التي علم فيها بوجود ظروف معينة بالامكان ان تكون سببا في تغير مدلول