يحقق صغرى لأدلة الصحة والنفوذ في باب المعاملات، ومثال ذلك ما يقال من انعقاد السيرة العقلائية على اشتراط عدم الغبن في المعاملة، بنحو يكون هذا الاشتراط مفهوما ضمنا، وإن لم يصرح به. وعلى هذا الأساس يثبت خيار الغبن بالشرط الضمني في العقد، فان السيرة العقلائية المذكورة لم تكشف عن دليل شرعي على حكم كلي، وانما حققت صغرى الدليل (المؤمنون عند شروطهم) وكل سيرة من هذا القبيل لا يشترط في تأثيرها على هذا النحو ان تكون معاصرة للمعصومين عليهم السلام، لأنها متى ما وجدت أوجدت صغري لدليل شرعي ثابت فيتمسك باطلاق ذلك الدليل لتطبيق الحكم على صغراه.
وهناك فوارق أخرى بين السيرتين، فان السيرة التي يستكشف بها دليل شرعي على حكم كلي تكون نتيجتها ملزمة حتى لمن شذ عن السيرة.
فلو فرض ان شخصا لم يكن يرى - بما هو عاقل - ان طيب نفس المالك كاف في جواز التصرف في ماله، وشذ في ذلك عن عموم الناس، كانت النتيجة الشرعية المستكشفة بسيرة عموم الناس ملزمة له لأنها حكم شرعي كلي. واما السيرة التي تحقق صغرى لمفاد دليل شرعي فلا تكون نتيجتها ملزمة لمن شذ عنها، لان شذوذه عنها معناه ان الصغرى لم تتحقق بالنسبة إليه فلا يجري عليه الحكم الشرعي، ففي المثال المتقدم لخيار الغبن إذا شذ متعاملان عن عرف الناس وبنيا على القبول بالمعاملة والالتزام بها ولو كانت غبنية، لم يثبت لاي واحد منهما خيار الغبن، لان هذا يعني عدم الاشتراط الضمني، ومع عدم الاشتراط لا يشملهما دليل (المؤمنون عند شروطهم) مثلا.