الامضاء. وبهذا نعرف ان الشرط في الاستدلال بالسيرة العقلائية على الحجية بمعناها الأصولي - المنجزية والمعذرية - ان تكون السيرة العقلائية في مجال التطبيق قد افترضت ارتكازا اتفاق الشارع مع غيره في الحجية، وجرت في علاقتها مع الشارع على أساس هذا الافتراض، أو ان تكون على الأقل بنحو يعرضها لهذا الافتراض والجري، وهذا معنى قد يثبت في السيرة العقلائية على العمل بالامارات الظنية في المقام الأول أيضا، اي في مجال الأغراض الشخصية التكوينية، فإنها كثيرا ما تولد عادة وذوقا في السلوك يعرض المتشرعة بعقلائيتهم إلى الجري على طبق ذلك في الشرعيات أيضا، فلا يتوقف إثبات الحجية بالسيرة على أن تكون السيرة جارية في المقام الثاني، ومنعقدة على الحجية بالمعنى الأصولي.
ومهما يكن الحال، فلا شك في أن معاصرة السيرة العقلائية لعصر المعصومين شرط في امكان الاستدلال بها على الحكم الشرعي، لان حجيتها ليست بلحاظ ذاتها، بل بلحاظ استكشاف الامضاء الشرعي من التقرير وعدم الردع، فلكي يتم هذا الاستكشاف يجب ان تكون السيرة معاصرة لظهور المعصومين عليهم السلام لكي يدل سكوتهم على الامضاء، واما السيرة المتأخرة فلا يدل عدم الردع عنها على الامضاء كما تقدم في الحلقة السابقة، واما كيف يمكن إثبات ان السيرة كانت قائمة فعلا في عصر المعصومين، فقد مر بنا البحث عن ذلك في الحلقة السابقة.
الا ان اشتراط المعاصرة إنما هو في السيرة التي يراد بها اثبات حكم شرعي كلي، والكشف بها عن دليل شرعي على ذلك الحكم وهي التي كنا نقصدها بهذا البحث بوصفها من وسائل اثبات الدليل الشرعي، ولكن هناك نحو آخر من السيرة لا يكشف عن الدليل الشرعي على حكم كلي، وانما يحقق صغرى لحكم شرعي كلي قد قام عليه الدليل في المرتبة السابقة، والى هذا النحو من السيرة ترجع على الأغلب البناءات العقلائية التي يراد بها تحليل مرتكزات المتعاملين ومقاصدهما النوعية في مقام التعامل بنحو