امتناع محتمله عقلا. فالصحيح ربط كشف الاجماع بنفس التراكم المذكور وفقا لحساب الاحتمال، كما هو الحال في التواتر على فوارق بين مفردات الاجماع بوصفها اخبارا حدسية، وقد تقدم البحث عن هذه الفوارق في الحلقة السابقة.
وتقوم الفكرة في تفسير كشف الاجماع بحساب الاحتمال على أن الفقيه لا يفتي بدون اعتقاد للدليل الشرعي عادة، فإذا افتى فهذا يعني اعتقاده للدليل الشرعي، وهذا الاعتقاد يحتمل فيه الإصابة والخطأ معا، وبقدر احتمال الإصابة يشكل قرينة احتمالية لصالح اثبات الدليل الشرعي، وبتراكم الفتاوى تتجمع القرائن الاحتمالية لاثبات الدليل الشرعي بدرجة كبيرة تتحول بالتالي إلى يقين لتضاءل احتمال الخلاف.
ويستفاد من كلام المحقق الأصفهاني رحمه الله الاعتراض على اكتشاف الدليل الشرعي من الاجماع بالنقطتين التاليتين:
الأولى: ان غاية ما يتطلبه افتراض ان الفقهاء لا يفتون بدون دليل، ان يكونوا قد استندوا إلى رواية عن المعصوم اعتقدوا ظهروها في اثبات الحكم وحجيتها سندا، وليس من الضروري ان تكون الرواية في نظرنا لو اطلعنا عليها ظاهرة في نفس ما استظهروه منها، كما أنه ليس من الضروري أن يكون اعتبار الرواية سندا عند المجمعين مساوقا لاعتبارها، كذلك عندنا إذ قد لا نبني الا على حجية خبر الثقة ويكون المجمعون قد عملوا بالرواية لبنائهم على حجية الحسن أو الموثق.
الثانية: ان أصل كشف الاجماع عن وجود رواية خاصة دالة على الحكم ليس صحيحا، لأننا ان كنا نجد في مصادر الحديث رواية من هذا القبيل فهي واصلة بنفسها لا بالاجماع، ولا بد من تقييمها بصورة مباشرة، وان كنا لا نجد شيئا من هذا فلا يمكن ان نفترض وجود رواية، إذ كيف نفسر حينئذ عدم ذكر أحد من المجمعين لها في شئ من كتب الحديث أو الاستدلال مع كونها هي الأساس لفتواهم على الرغم من أنهم