كلمة النقض وتقريب استفادة الاختصاص منها بوجهين:
الوجه الأول: ان النقض حل لما هو محكم ومبرم، وقد جعل الاستصحاب بلسان النهي عن النقض، فلا بد ان تكون الحالة السابقة التي ينهى عن نقضها محكمة ومبرمة ومستمرة بطبيعتها لكي يصدق النقض على رفع اليد عنها، واما إذا كانت مشكوكة القابلية للبقاء فهي على فرض انتهاء قابليتها لا يصح اسناد النقض إليها لانحلالها بحسب طبعها، فأنت لا تقول عن الخيوط المتفككة اني نقضتها إذا فصلت بعضها عن بعض، وانما تقول عن الحبل المحكم ذلك إذا حللته، فيختص الدليل إذن بموارد احراز قابلية المستصحب للبقاء والاستمرار.
ويرد على هذا الوجه ان النقض لم يسند إلى المتيقن والمستصحب لنفتش عن وجهة احكام فيه حتى نجدها في افتراض قابليته للبقاء، بل أسند إلى نفس اليقين في الرواية واليقين بنفسه حالة مستحكمة وفيها رسوخ مصحح لاسناد النقض إليها بقطع النظر عن حالة المستصحب ومدى قابليته للبقاء.
الوجه الثاني: ان دليل الاستصحاب يفترض كون العمل بالشك نقضا لليقين بالشك، وهذا لا يصدق حقيقة الا إذا كان الشك متعلقا بعين ما تعلق به اليقين حقيقة أو عناية، ومثال الأول الشك في قاعدة اليقين مع يقينها، ومثال الثاني الشك في بقاء الطهارة مع اليقين بحدوثها، فان الشك هنا وان كان متعلقا بغير ما تعلق به اليقين حقيقة لأنه متعلق بالبقاء، واليقين متعلق بالحدوث، ولكن حيث إن المتيقن له قابلية البقاء والاستمرار، فكأن اليقين بالعناية قد تعلق به بما هو باق ومستمر فيكون الشك متعلقا بعين ما تعلق به اليقين، وبهذا يصدق النقض على العمل بالشك، واما في موارد الشك في المقتضى، فاليقين غير متعلق بالبقاء لا حقيقة ولا عناية، اما الأول فواضح، واما الثاني فلان المتيقن لم تحرز قابليته للبقاء، وعليه فلا يكون