الساذجة وندرسه الآن بعد أن نضيف إليه عنصرا جديدا وهو العلم الاجمالي، فهل تجري فيه القاعدة العلمية الثانوية كما كانت تجري في موارد الشك البدوي أو لا؟.
منجزية العلم الاجمالي وعلى ضوء ما سبق يمكننا تحليل العلم الاجمالي إلى علم بأحد الامرين وشك في هذا وشك في ذاك.
ففي يوم الجمعة نعلم بوجوب أحد الامرين " صلاة الظهر أو صلاة الجمعة " ونشك في وجوب الظهر كما نشك في وجوب الجمعة، والعلم بوجوب أحد الامرين - بوصفه علما - تشمله قاعدة حجية القطع التي درسناها في بحث سابق، فلا يسمح لنا العقل لاجل ذلك بترك الامرين معا الظهر والجمعة -، لأننا لو تركناهما معا لخالفنا علمنا بوجوب أحد الامرين، والعلم حجة عقلا في جميع الأحوال سواء كان إجماليا أو تفصيليا.
ويؤمن الرأي الأصولي السائد في مورد العلم الاجمالي - لا بثبوت الحجية للعلم بأحد الامرين فحسب - بل بعدم إمكان انتزاع هذه الحجية منه أيضا واستحالة ترخيص الشارع في مخالفته بترك الامرين معا، كما لا يمكن للشارع أن ينتزع الحجية من العلم التفصيلي ويرخص في مخالفته وفقا لما تقدم في بحث القطع من استحالة صدور الردع من الشارع عن القطع.
وأما كل واحد من طرفي العلم الاجمالي - أي وجوب الظهر بمفرده ووجوب الجمعة بمفرده - فهو تكليف مشكوك وليس معلوما.
وقد يبدو لأول وهلة أن بالامكان أن تشمله القاعدة العملية الثانوية أي أصالة البراءة النافية للاحتياط في التكاليف المشكوكة، لان كلا من الطرفين تكليف مشكوك.