الجديرة بالبحث فيها وفي كل ما ثبت أنه من أدوات العموم بالوضع هي: أن إسراء الحكم إلى تمام أفراد مدخول الأداة، أي (عالم) مثلا في قولنا (أكرم كل عالم) هل يتوقف على إجراء الاطلاق وقرينة الحكمة في المدخول، أو أن دخول أداة العموم على الكلمة يغنيها عن مقدمات الحكمة، وتتولى الأداة بنفسها دور تلك القرينة؟ وقد ذكر صاحب الكفاية (رحمه الله) أن كلا الوجهين ممكن من الناحية النظرية، لان أداة العموم إذا كانت موضوعة لاستيعاب ما يراد من المدخول تعين الوجه الأول، لان المراد بالمدخول لا يعرف حينئذ من ناحية الأداة، بل بقرينة الحكمة، وإذا كانت موضوعة لاستيعاب تمام ما يصلح المدخول للانطباق عليه تعين الوجه الثاني، لان المدخول مفاده الطبيعة، وهي صالحة للانطباق على تمام الافراد فيتم تطبيقها، كذلك بتوسط الأداة مباشرة. وقد استظهر رحمه الله - بحق - الوجه الثاني، وقد لا يكتفي بالاستظهار في تعيين الوجه الثاني، بل يبرهن على إبطال الوجه الأول بلزوم اللغوية. إذ بعد فرض الاحتياج إلى قرينة الحكمة لاثبات الاطلاق في المرتبة السابقة على دخول الأداة يكون دور الأداة لغوا صرفا، ولا يمكن إفتراض كونها تأكيدا، لان فرض الطولية بين دلالة الأداة وثبوت الاطلاق بقرينة الحكمة يمنع عن تعقل كون الأداة ذات أثر ولو تأكيدي.
دلالة الجميع المعرف باللام:
ومما ادعيت دلالته على العموم الجمع المعرف باللام بعد التسليم، بأن الجمع الخالي من اللام لا يدل على العموم وأن المفرد المعرف باللام لا يدل على ذلك أيضا، وإنما يجري فيه الاطلاق وقرينة الحكمة.
والكلام في ذلك يقع في مرحلتين:
الأولى: تصوير هذه الدلالة ثبوتا، والصحيح في تصويرها أن يقال: إن الجمع المعرف باللام مشتمل على دوال ثلاثة: أحدها: يدل على المعنى الذي