بقي عليه الامر الأول، ويجب عليه أن يأتي بالفعل حينئذ ولو خرج الوقت فلا يحتاج إيجاب القضاء إلى أمر جديد. وظاهر الدليل الامر بالموقت هو وحدة الامر، فيحتاج إثبات تعدده على الوجه الثاني إلى قرينة خاصة.
ومنها: دلالة الامر بالأمر بشئ، على الامر بذلك الشئ مباشرة بمعنى أن الآمر إذا أمر زيدا بأن يأمر خالدا بشئ فهل يستفاد الامر المباشر لخالد من ذلك أو لا؟ فعلى الأول لو أن خالدا أطلع على ذلك قبل أن يأمره زيد لوجب عليه الاتيان بذلك الشئ، وعلى الثاني لا يكون ملزما بشئ. ومثاله في الفقه أمر الشارع لولي الصبي بأن يأمر الصبي بالصلاة، فإن قيل بأن الامر بالأمر بشئ أمر به كان أمر الشارع هذا أمرا للصبي - ولو على نحو الاستحباب - بالصلاة.
النهي كما أن للامر مادة وصيغة، كذلك الحال في النهي، فمادته نفس كلمة النهي وصيغته من قبيل لا تكذب، والمادة تدل على الزجر بمفهومه الاسمي، والصيغة تدل على الزجر والامساك بنحو المعنى الحرفي، وإن شئت عبر بالنسبة الزجرية والامساكية.
وقد وقع الخلاف بين جملة من الأصوليين في أن مفاد النهي هل هو طلب الترك الذي هو مجرد أمر عدمي، أو طلب الكف عن الفعل الذي هو أمر وجودي وقد يستدل للوجه الثاني، بأن الترك استمرار للعدم الأزلي الخارج عن القدرة فلا يمكن تعلق الطلب به. ويندفع هذا الدليل بأن بقاءه مقدور فيعقل التكليف به، ويندفع الوجه الثاني، بأن من حصل منه الترك بدون كف لا يعتبر عاصيا للنهي عرفا. والصحيح أن كلا الوجهين باطل، لان النهي ليس طلبا لا للترك ولا للكف، وإنما هو زجر بنحو المعنى