قاعدة استحالة التكليف بغير المقدور يستحيل التكليف بغير المقدور، وهذا له معنيان:
أحدهما: ان المولى يستحيل ان يدين المكلف بسبب فعل أو ترك غير صادر منه بالاختيار، وهذا واضح، لان العقل يحكم بقبح هذه الإدانة، لان حق الطاعة لا يمتد إلى ما هو خارج عن الاختيار.
والمعنى الآخر: ان المولى يستحيل ان يصدر منه تكليف بغير المقدور في عالم التشريع، ولو لم يرتب عليه إدانة ومؤاخذة للمكلف، فليست الإدانة وحدها مشروطة بالقدرة بل التكليف ذاته مشروط بها أيضا.
وتوضيح الحال في ذلك أن مقام الثبوت للحكم يشتمل - كما تقدم - على ملاك وإرادة واعتبار، ومن الواضح انه ليس من الضروري أن يكون الملاك مشروطا بالقدرة، كما أن بالامكان تعلق إرادة المولى بامر غير مقدور، لأننا لا نريد بالإرادة الا الحب الناشئ من ذلك الملاك، وهو مهما كان شديدا، يمكن افتراض تعلقه بالمستحيل ذاتا فضلا عن الممتنع بالغير، والاعتبار إذا لوحظ بما هو اعتبار يعقل أيضا ان يتكفل جعل الوجوب على غير المقدور، لان الاعتبار سهل المؤونة، وليس لغوا في هذه الحالة، إذ قد يراد به مجرد الكشف بالصياغة التشريعية التي اعتادها العقلاء عن الملاك والمبادئ، ولكن إذا لوحظ الجعل والاعتبار بما هو ناشئ من داعي البعث والتحريك، فمن الواضح ان القدرة على مورده تعتبر شرطا فيه، لان داعي تحريك العاجز