وكثيرا ما يستعمل غير فعل الامر من الأفعال في إفادة الطلب، أما بادخال لام الامر عليه فيكون الاستعمال بلا عناية، وأما بدون إدخاله، كما إذا قيل يعيد ويغتسل، ويشتمل الاستعمال حينئذ على عناية، لان الجملة حينئذ خبرية بطبيعتها، وقد استعملت في مقام الطلب. وفي الأول يدل على الوجوب بنحو دلالة الصيغة عليه، وفي الثاني يوجد خلاف في الدلالة على الوجوب، ويأتي الكلام عن ذلك في حلقة مقبلة إن شاء الله تعالى.
دلالات أخرى للامر عرفنا أن الامر يدل على الطلب ويدل على أن الطلب على نحو الوجوب.
وهناك دلالات أخرى محتملة وقع البحث عن ثبوتها له وعدمه.
منها: دلالته على نفي الحرمة بدلا عن دلالته على الطلب والوجوب في حالة معينة، وهي ما إذا ورد عقيب التحريم أو في حالة يحتمل فيها ذلك.
والصحيح أن صيغة الامر على مستوى المدلول التصوري لا تتغير دلالتها في هذه الحالة، بل تظل دالة على النسبة الطلبية، غير أن مدلولها التصديقي هنا يصبح مجملا ومرددا بين الطلب الجدي وبين نفي التحريم، لان ورود الامر في إحدى الحالتين المذكورتين يوجب الاجمال من هذه الناحية.
ومنها: الأدلة الامر بالفعل الموقت بوقت محدد على وجوب القضاء خارج الوقت، على من لم يأت بالواجب في وقته. وتوضيح الحال في ذلك أن الامر بالفعل الموقت تارة يكون أمرا واحدا بهذا الفعل المقيد فلا يقتضي إلا الاتيان به، فإن لم يأت به حتى إنتهى الوقت فلا موجب من قبله للقضاء، بل يحتاج إيجاب القضاء إلى أمر جديد، وتارة أخرى يكون الامر بالفعل الموقت أمرين مجتمعين في بيان واحد، أحدهما: أمر بذات الفعل على الاطلاق، والآخر أمر بإيقاعه في الوقت الخاص، فإن فات المكلف امتثال الامر الثاني