2 - التعارض بين الأصول العملية إذا لاحظنا الأصول العملية المتقدمة وجدنا ان بعضها وارد على بعض، مثلا دليل البراءة الشرعية وارد على أصالة الاشتغال الثابتة، بحكم العقل على مسلك حق الطاعة، ولكن في حالات أخرى لا يوجد ورود، فمنها حالة التعارض بين البراءة والاستصحاب، كما إذا علم بحرمة مقاربة الحائض وشك في بقاء الحرمة بعد النقاء، فان الاستصحاب يقتضي بقاء الحرمة، والبراءة تقتضي التأمين عنها فيتعارض دليل الاستصحاب مع دليل البراءة والمعروف تقديم دليل الاستصحاب على دليل البراءة لوجهين:
الأول: ان دليل الاستصحاب حاكم على دليل البراءة لان دليل البراءة اخذ في موضوعه عدم اليقين بالحرمة ودليل الاستصحاب لسانه لسان ابقاء اليقين والمنع انتقاضه فيكون ناظرا إلى إلغاء موضوع البراءة وحاكما على دليلها، وهذا بخلاف العكس فان دليل البراءة ليس لسانه افتراض المكلف متيقنا بعدم الحرمة، بل مجرد التأمين عن المشكوك.
الثاني: ان دليل الاستصحاب أظهر عرفا في الشمول من دليل البراءة باعتبار ان في بعض رواياته ورد انه لا ينقص اليقين بالشك أبدا والتأبيد يجعله أقوى دلالة على الشمول والعموم من دليل البراءة.
ومنها: حالة التعارض بين الأصل السببي والأصل المسببي، وقد سبق الكلام عن ذلك في الاستصحاب وتقدم ان الأصل السببي مقدم، وقد فسر الشيخ الأنصاري ذلك على أساس حكومته على الأصل المسببي فلاحظ.