3 - التعارض بين الأدلة المحرزة والأصول العملية إذا قام دليل محرز على حكم فلا شك في أنه لا تجري الأصول العملية المخالفة له، وهذا واضح إذا كان الدليل المحرز قطعيا، إذ يكون حينئذ واردا لان الأصول العملية اخذ في موضوع دليلها الشك وهو ينتفى حقيقة بورود الدليل المحرز القطعي، واما إذا كان الدليل المحرز امارة ظنية كخبر الثقة فيتقدم أيضا بدون شك، وانما البحث في تكييف هذا التقديم وتفسيره، إذ قد يستشكل فيه بان الامارة لما كانت ظنية فهي لا تنفي الشك حقيقة، وعلى هذا فموضوع دليل الأصل وهو الشك محقق، فما الموجب لطرح دليل الأصل والاخذ بالامارة؟ ولماذا لا نفترض التعارض بين دليل الأصل ودليل حجية تلك الامارة، فلا نعمل بأي واحد منهما؟
وهناك محاولات لدفع هذا الاستشكال وتبرير تقديم الامارة على الأصل نذكر منها محاولتين:
إحداهما: ان دليل الأصل وان اخذ في موضوعه عدم العلم، لكن العلم هنا لوحظ كمثال والمقصود عدم الدليل الذي تقوم به الحجة في إثبات الحكم الواقعي سواء كان قطعا أو امارة، وعليه فدليل حجية الامارة بجعله الحجية والدليلية لها يكون نافيا لموضوع دليل الأصل حقيقة، وواردا عليه والوارد يتقدم على المورود.
والمحاولة الأخرى: مبنية على التسليم بان دليل الأصل ظاهر في نفسه في اخذ عدم العلم في موضوعه بما هو عدم العلم لا بما هو عدم الحجة، وهذا