التزاحم يتقدم فيها الأهم على الأقل أهمية كما تقدم في مباحث الدليل العقلي.
ويتلخص من ذلك كله ان التعارض بين الدليلين هو التنافي بين مدلولي هذين الدليلين الحاصل من أجل التضاد بين الجعلين المفادين بهما.
وهذا التنافي على قسمين لأنه تارة يكون ذاتيا، كما في (صل) و (لا تصل) وأخرى يكون عرضيا حصل بسبب العلم الاجمالي من الخارج بان المدلولين غير ثابتين معا، كما في (صل الجمعة) و (صل الظهر) حيث اننا نعلم بعدم وجوب الصلاتين معا، فإنه لولا هذا العلم لأمكن ثبوت المفادين معا، واما مع هذا العلم، فلا يمكن ثبوتهما معا، بل يكون كل من الدليلين مكذبا للآخر، ونافيا له بالدلالة الالتزامية، ولا فرق بين هذين القسمين في الاحكام التالية:
الحكم الأول قاعدة الجمع العرفي:
والحكم الأول من احكام تعارض الأدلة اللفظية ما تقرره قاعدة الجمع العرفي وحاصلها ان التعارض إذا لم يكن مستقرا في نظر العرف، بل كان أحد الدليلين قرينة على تفسير مقصود الشارع من الدليل الآخر وجب الجمع بينهما بتأويل الدليل الآخر وفقا للقرينة.
ونقصد بالقرينة الكلام المعد من قبل المتكلم لاجل تفسير الكلام الآخر.
والوجه في هذه القاعدة واضح، فان المتكلم إذا صدر منه كلامان وكان الظاهر من أحدهما ينافي الظاهر من الآخر، ولكن أحد الكلامين كان قد أعد من قبل المتكلم لتفسير مقصوده من الكلام المقابل له، فلا بد ان يقدم ظاهر ما أعده المتكلم على الآخر، لأننا يجب ان نفهم مقصود المتكلم من مجموع كلاميه وفقا للطريقة التي يقررها.