بوصفه عملية تفكير لكي يكون الاستدلال صحيحا، كيف نستدل على أن سقراط فان؟ وكيف نستدل على أن نار الموقد الموضوع أمامي محرقة؟ وكيف نستدل على أن مجموع زوايا المثلث تساوي قائمتين؟ وكيف نستدل على أن الخط الممتد بدون نهاية مستحيل؟ كل هذا يجيب عليه علم المنطق بوضع المناهج العامة للاستدلال كالقياس والاستقراء، فهو إذن علم لعملية التفكير إطلاقا. و وعلم الأصول يشابه علم المنطق من هذه الناحية غير أنه يبحث عن نوع خاص من عملية التفكير أي عن عملية التفكير الفقهي في استنباط الاحكام، ويدرس العناصر المشتركة التي يجب أن تدخل فيها لكي يكون الاستنباط سليما، فهو يعلمنا كيف نستنبط الحكم بحرمة الارتماس على الصائم؟ وكيف نستنبط اعتصام ماء الكر؟ وكيف نستنبط الحكم باستحباب صلاة العيد أو وجوبها؟ وذلك بوضع المناهج العامة وتحديد العناصر المشتركة لعملية الاستنباط.
وعلى هذا الأساس يصح أن يطلق على علم الأصول اسم منطق علم الفقه لأنه بالنسبة إليه بمثابة المنطق بالنسبة إلى الفكر البشري بصورة عامة.
أهمية علم الأصول في عملية الاستنباط ولسنا بعد ذلك بحاجة إلى التأكيد على أهمية علم الأصول وخطورة دوره في عالم الاستنباط لأنه ما دام يقدم لعملية الاستنباط عناصرها المشتركة ويضع لها نظامها العام فهو عصب الحياة فيها، وبدون علم الأصول يواجه الشخص في الفقه ركاما متناثرا من النصوص والأدلة دون أن يستطيع استخدامها والاستفادة منها في الاستنباط، كإنسان يواجه أدوات النجارة ويعطى منشارا وفأسا وما إليها من أدوات دون أن يملك أفكارا عامة عن