العلاقات القائمة بين الحكم ومتعلقه عرفنا أن وجوب الصوم - مثلا - موضوعه مؤلف من عدة عناصر تتوقف عليها فعلية الوجوب، فلا يكون الوجوب فعليا وثابتا إلا إذا وجد مكلف غير مسافر ولا مريض وهل هلال شهر رمضان، وأما متعلق هذا الوجوب فهو الفعل الذي يؤديه المكلف نتيجة لتوجه الوجوب إليه، وهو الصوم في هذا المثال.
وعلى هذا الضوء نستطيع أن نميز بين متعلق الوجوب وموضوعه، فإن المتعلق يوجد بسبب الوجوب، فالمكلف انما يصوم لاجل وجوب الصوم عليه، بينما يوجد الحكم نفسه بسبب الموضوع، فوجوب الصوم لا يصبح فعليا إلا إذا وجد مكلف غير مريض ولا مسافر وهل عليه الهلال.
وهكذا نجد أن وجود الحكم يتوقف على وجود الموضوع، بينما يكون سببا لايجاد المتعلق وداعيا للمكلف نحوه.
وعلى هذا الأساس نعرف أن من المستحيل أن يكون الوجوب داعيا إلى إيجاد موضوعه ومحركا للمكلف نحوه كما يدعو إلى إيجاد متعلقه، فوجوب الصوم على كل مكلف غير مسافر ولا مريض لا يمكن أن يفرض على المكلف أن لا يسافر، وإنما يفرض عليه أن يصوم إذا لم يكن مسافرا، ووجوب الحج على المستطيع لا يمكن أن يفرض على المكلف أن يكتسب، ليحصل على الاستطاعة أو إنما يفرض الحج على المستطيع، لان الحكم لا يوجد إلا بعد وجود موضوعه، فقبل وجود الموضوع لا وجود للحكم لكي يكون داعيا إلى إيجاد موضوعه، ولأجل ذلك وضعت في علم الأصول القاعدة القائلة:
" إن كل حكم يستحيل أن يكون محركا نحو أي عنصر من العناصر الدخيلة في تكوين موضوعه، بل يقتصر تأثيره وتحريكه على نطاق المتعلق ".