قد يقال بعدم الدلالة على الاستصحاب كقاعدة عامة لان اللام في قوله (ولا ينقض اليقين بالشك)، كما يمكن أن يكون للجنس فتكون الجملة المذكورة مطلقة، كذلك يحتمل أن يكون للعهد وللإشارة إلى اليقين المذكور في الجملة السابقة (فإنه على يقين من وضوئه) وهو اليقين بالوضوء، فلا يكون للجملة اطلاق لغير مورد الشك في انتقاض الوضوء، واجمال اللام وتردده بين الجنس والعهد كاف في منع الاطلاق.
ويرد على ذلك أولا: ان قوله (فإنه على يقين من وضوئه) مسوق مساق التعليل للجزاء المحذوف، كما تقدم، وظهور التعليل في كونه تعليلا بأمر عرفي، وتحكيم مناسبات الحكم الموضوع المركوزة عليه، يقتضي حمل اليقين والشك على طبيعي اليقين والشك، لان التعليل بكبرى الاستصحاب عرفي ومطابق للمناسبات العرفية بخلاف التعليل باستصحاب مجعول في خصوص باب الوضوء.
وثانيا: ان اللام في قوله (ولا ينقض اليقين بالشك) لو سلم انها للعهد والإشارة إلى اليقين الوارد في جملة (فإنه على يقين من وضوئه) فلا يقتضي ذلك اختصاص القول المذكور بباب الوضوء، لان قيد من وضوئه ليس قيدا لليقين، حيث إن اليقين لا يتعدى عادة إلى متعلقه ب (من)، وانما هو قيد للظرف ومحصل العبارة انه من ناحية الوضوء على يقين، وهذا يعني ان كلمة اليقين استعملت في معناها الكلي، فإذا أشير إليها لم يقتض ذلك الاختصاص بباب الوضوء خلافا لما إذا كان القيد راجعا إلى نفس اليقين، وكان مفاد الجملة المذكور انه على يقين بالوضوء فان الإشارة إلى هذا اليقين توجب الاختصاص.
وعلى هذا فالاستدلال بالرواية تام، وهناك روايات عديدة أخرى يستدل بها على الاستصحاب، ولا شك في دلالة جملة منها.