واما الاطلاق المقامي فلا يراد به نفي شئ لو كان ثابتا لكان قيدا في الصورة الذهنية التي يتحدث عنها اللفظ، وانما يراد به نفي شئ لو كانا ثابتا لكان صورة ذهنية مستقلة وعنصرا آخر، فإذا قال المتكلم: (الفاتحة جزء في الصلاة والركوع جزء فيها، والسجود جزء فيها...) وسكت، واردنا ان نثبت بعدم ذكره لجزئية السورة انها ليست جزءا كان هذا اطلاقا مقاميا.
ويتوقف هذا الاطلاق المقامي على احراز ان المتكلم في مقام بيان تمام اجزاء الصلاة، إذ ما لم يحرز ذلك لا يكون عدم ذكره لجزئية السورة كاشفا عن عدم جزئيتها، ومجرد استعراضه لعدد من اجزاء الصلاة لا يكفي لاحراز ذلك، بل يحتاج احرازه إلى قيام قرينة خاصة على أنه في هذا المقام.
وبذلك يختلف الاطلاق المقامي عن الاطلاق اللفظي، إذ في الاطلاق اللفظي يوجد ظهور سياقي عام يتكفل إثبات ان كل متكلم يسوق لفظا للتعبير عن صورة ذهنية، فلا تزيد الصورة الذهنية التي يعبر عنها باللفظ عن مدلول اللفظ، ولا يوجد في الاطلاق المقامي ظهور مماثل في أن كل من يستعرض عددا من اجزاء الصلاة فهو يريد الاستيعاب.
بعض التطبيقات لقرينة الحكمة:
يدل الامر - كما تقدم - على الطلب وانه على نحو الوجوب كما تقدم، وقد يقال بهذا الصدد: إن دلالته على الوجوب ليست بالوضع، وإنما هي بالاطلاق وقرينة الحكمة، لان الطلب غير الوجوبي طلب ناقص محدود وهذا التحديد تقييد في هوية الطلب، ومع عدم نصب قرينة على التقييد يثبت بالاطلاق إرادة الطلب المطلق، اي الطلب الذي لا حد له بما هو طلب وهو الوجوب.
وللطلب انقسامات عديدة:
كانقسامه إلى الطلب النفسي والغيري: فالأول هو طلب الشئ لنفسه،