التطابق بين الدلالات تقدم ان الكلام له ثلاث دلالات، وهي: الدلالة التصورية، والدلالة التصديقية الأولى، والدلالة التصديقية الثانية. وتقدم ان الظاهر من كل لفظ في مرحلة الدلالة التصويرية هو المعنى الموضوع له اللفظ. ونريد هنا الإشارة إلى ظهور كل لفظ في مرحلة الدلالة التصديقية الأولى: في أن المتكلم يقصد باللفظ تفهيم نفس المعنى الظاهر من الدلالة التصورية لا معنى آخر، فإذا قال المتكلم (أسد) وشككنا في أن المتكلم هل قصد ان يخطر في ذهننا المعنى الحقيقي وهو الحيوان المفترس أو المعنى المجازي وهو الرجل الشجاع، كان ظاهر حاله انه يقصد إخطار المعنى الحقيقي، ومرد ذلك في الحقيقة إلى ظهور حال المتكلم في التطابق بين الدلالة التصورية، والدلالة التصديقية الأولى، فما دام الظاهر من الأولى هو المعنى الحقيقي، فالمقصود في الثانية هو أيضا، وهذا الظهور حجة على ما يأتي في قاعدة حجية الظهور ويطلق على حجيته اسم أصالة الحقيقة.
ولنأخذ الآن الدلالة التصديقية الثانية بعد افتراض تعيين الدلالتين السابقتين عليها لنجد فيها نفس الشئ، فان الظاهر من الكلام في مرحلة الدلالة التصديقية الثانية، ان المراد الجدي متطابق مع ما قصد إخطاره في الذهن في مرحلة الدلالة التصديقية الأولى، فإذا قال المتكلم (أكرم كل جيراني) وعرفنا ان يريد أن يخطر في ذهننا صورة العموم، ولكن شككنا في