رابعا: إذا لم يتوفر له القطع بالتكليف لا نفيا ولا اثباتا، ولكن حصل له القطع بان الشارع لا يأذن في ترك التحفظ، فهذا يعني ان منجزية الاحتمال والظن تظل ثابتة غير أنها أكد وأشد مما إذا كان الاذن محتملا.
وهنا أيضا تارة يثبت عدم الاذن من الشارع في ترك التحفظ، بجعل الشارع الحجية للامارة، كما إذا أخبر الثقة المظنون الصدق بالوجوب فقال الشارع: ولا ينبغي التشكيك فيما يخبر به الثقة أو قال: صدق الثقة، وأخرى يثبت بجعل الشارع لأصل عملي من قبله كأصالة الاحتياط الشرعية المجعولة في بعض الحالات.
فائدة المنجزية والمعذرية الشرعية:
وبما ذكرناه ظهر انه في الحالتين الأولى والثانية لا معنى لتدخل الشارع في ايجاد معذرية أو منجزية، لان القطع ثابت، وله معذرية ومنجزية كاملة، وفي الحالتين الثالثة الرابعة يمكن للشارع ان يتدخل في ذلك، فإذا ثبت عنه جعل الحجية للامارة النافية للتكليف أو جعل أصل مرخص كأصالة الحل، ارتفعت بذلك منجزية الاحتمال أو الظن. لان هذا الجعل منه إذن في ترك التحفظ، والمنجزية المذكورة معلقة على عدم ثبوت الاذن المذكور، وإذا ثبت عنه جعل الحجية لامارة مثبتة للتكليف أو لأصل يحكم بالتحفظ، تأكدت بذلك منجزية الاحتمال، لان ثبوت ذلك الجعل معناه العلم بعدم الاذن في ترك التحفظ ونفي لأصالة الحل ونحوها.
المنهج على مسلك قبح العقاب بلا بيان:
وما تقدم كان بناء على مسلك حق الطاعة، واما بناء على مسلك قبح العقاب بلا بيان فالامر على العكس تماما والبداية مختلفة، فان أعم الأصول العملية حينئذ هو قاعدة قبح العقاب بلا بيان وتسمى أيضا بالبراءة العقلية