والإباحة قد تنشأ عن خلو الفعل المباح من أي ملاك يدعو إلى الالزام فعلا أو تركا، وقد تنشأ عن وجود ملاك في أن يكون المكلف مطلق العنان، وملاكها على الأول لا اقتضائي، وعلى الثاني اقتضائي.
التضاد بين الأحكام التكليفية:
وحين نلاحظ أنواع الحكم التكليفي التي مرت بنا، نجد أن بينها تنافيا وتضادا، يؤدي إلى استحالة اجتماع نوعين منها في فعل واحد. ومرد هذا التنافي إلى التنافر بين مبادئ تلك الأحكام، وأما على مستوى الاعتبار فقط فلا يوجد تنافر، إذ لا تنافي بين الاعتبارات إذا جردت عن الملاك والإرادة.
وكذلك أيضا لا يمكن أن يجتمع في فعل واحد فردان من نوع واحد، فمن المستحيل أن يتصف شئ واحد بوجوبين، لان ذلك يعني اجتماع إرادتين على مراد واحد، وهو من قبيل اجتماع المثلين لان الإرادة لا تتكرر على شئ واحد، وإنما تقوى وتشتد، والمحذور هنا أيضا بلحاظ المبادئ لا بلحاظ الاعتبار نفسه.
شمول الحكم الشرعي لجميع وقائع الحياة:
ولما كان الله تعالى عالما بجميع المصالح والمفاسد التي ترتبط بحياة الانسان في مختلف مجالاته الحياتية، فمن اللطف اللائق برحمته أن يشرع للانسان التشريع الأفضل وفقا لتلك المصالح والمفاسد في شتى جوانب الحياة، وقد أكدت ذلك نصوص كثيرة وردت عن أئمة أهل البيت عليهم السلام، وخلاصتها أن الواقعة لا تخلو من حكم.