وهذا المعنى من الايجابية للحرف واضح البطلان لان الحرف وإن كان يوجد الربط في مرحلة الكلام ولكنه إنما يوجد ذلك بسبب دلالته على معنى، أي على الجانب النسبي والربطي في الصورة الذهنية ونسبته إلى الربط القائم في الصورة الذهنية على حد ربط الاسم بالمعاني الاسمية الداخلة في تلك الصورة، فلا تصح التفرقة بين المعاني الاسمية والحرفية بالاخطارية والايجادية. نعم هناك معنى آخر دقيق ولطيف لايجادية المعاني الحرفية تتميز بها عن المعاني الاسمية تأتي الإشارة إليه في الحلقة الثالثة إن شاء الله تعالى.
المقارنة بين الحروف والأسماء الموازية لها:
كل حرف نجد تعبيرا إسميا موازيا له ف (إلى) يوازيها في الأسماء (انتهاء) و (من) يوازيها (ابتداء) و (في) توازيها (ظرفية) وهكذا، وعلى الرغم من الموازاة، فإن الحرف والاسم الموازي له ليسا مترادفين بدليل أنه لا يمكن استبدال أحدهما في موضع الآخر كما هو الشأن في المترادفين عادة.
والسبب في ذلك يعود إلى أن الحرف يدل على النسبة، والاسم يدل على مفهوم اسمي يوازي تلك النسبة ويلازمها، ومن هنا لم يكن بالامكان أن يفصل مدلول (إلى) عن طرفيه ويلحظ مستقلا، لان النسبة لا تنفصل عن طرفيها بينما بالامكان أن نلحظ كلمة الانتهاء بمفردها ونتصور معناها.
ونفس الشئ نجده في هيئات الجمل مع أسماء موازية لها، فقولك: زيد عالم إخبار بعلم زيد، فالاخبار بعلم زيد تعبير اسمي عن مدلول هيئة زيد عالم، إلا أنه لا يرادفه لوضوح أنك لو نطقت بهذا التعبير الاسمي لكنت قد قلت جملة ناقصة لا يصح السكوت عليها، بينما (زيد عالم) جملة تامة يصح السكوت عليها.