هو كل ما يترقب أن يكون دليلا وعنصرا مشتركا في عملية استنباط الحكم الشرعي والاستدلال عليه، والبحث في كل مسألة أصولية، إنما يتناول شيئا مما يترقب أن يكون كذلك، ويتجه إلى تحقيق دليليته والاستدلال عليها إثباتا ونفيا، فالبحث في حجية الظهور أو خبر الواحد أو الشهرة بحث في دليليتها، والبحث في أن الحكم بالوجوب على شئ، هل يستلزم تحريم ضده بحث في دليلية الحكم بوجوب شئ على حرمة الضد، ومسائل الأصول العملية يبحث فيها عن دليلية الشك وعدم البيان على المعذرية، وهكذا. فصح أن موضوع علم الأصول هو الأدلة المشتركة في الاستدلال الفقهي، والبحث الأصولي يدور دائما حول دليليتها.
فائدة علم الأصول اتضح مما سبق أن لعلم الأصول فائدة كبيرة للاستدلال الفقهي، وذلك أن الفقيه في كل مسألة فقهية يعتمد على نمطين من المقدمات في استدلاله الفقهي:
أحدهما: عناصر خاصة بتلك المسألة من قبيل الرواية التي وردت في حكمها، وظهورها في إثبات الحكم المقصود، وعدم وجود معارض لها ونحو ذلك.
والآخر: عناصر مشتركة تدخل في الاستدلال على حكم تلك المسألة وفي الاستدلال على حكم مسائل أخرى كثيرة في مختلف أبواب الفقه، من قبيل أن خبر الواحد الثقة حجة وان ظهور الكلام حجة.
والنمط الأول من المقدمات يستوعبه الفقيه بحثا في نفس تلك المسألة، لان ذلك النمط من المقدمات مرتبط بها خاصة. وأما النمط الثاني فهو بحكم عدم اختصاصه بمسألة دون أخرى، أنيط ببحث آخر خارج نطاق البحث الفقهي