أولا؟ وهنا تفصيل وهو انا تارة نفهم من دليل وجوب إراقة مقطوع الخمرية، ان مقصود هذا الدليل من المقطوع ما قامت حجة منجزة على خمريته وليس القطع الا كمثال، وأخرى نفهم منه إناطة الحكم بوجوب الإراقة بالقطع بوصفه كاشفا تاما لا يشوبه شك ففي الحالة الأولى تقوم الامارة الحجة مقام القطع الموضوعي ويترتب عليها وجوب الإراقة لأنها تحقق موضوع هذا الوجوب وجدانا وهو الحجة.
وفي الحالة الثانية لا يكفي مجرد كون الامارة حجة وقيام دليل على حجيتها ووجوب العمل بها لكي تقوم مقام القطع الموضوعي، لان وجوب الإراقة منوط بالقطع بما هو كاشف تام، والامارة وان أصبحت حجة ومنجزة لمؤداها بجعل الشارع، ولكنها ليست كاشفا تاما على اي حال، فلا يترتب عليها وجوب الإراقة، إلا إذا ثبت في دليل الحجية أو في دليل آخر، ان المولى اعمل عناية ونزل الامارة منزلة الكاشف التام في احكامه الشرعية، كما نزل الطواف منزلة الصلاة في قوله: الطواف بالبيت صلاة، وهذه عناية إضافية لا يستبطنها مجرد جعل الحجية للامارة. وبهذا صح القول إن دليل حجية الامارة بمجرد افتراضه الحجية لا يفي لإقامتها مقام القطع الموضوعي.
اثبات الدليل لجواز الاستناد من المقرر فقهيا ان اسناد حكم إلى الشارع بدون علم غير جائز، وعلى هذا الأساس فإذا قام على الحكم دليل وكان الدليل قطعيا، فلا شك في جواز اسناد مؤداه إلى الشارع لأنه اسناد بعلم. واما إذا كان الدليل غير قطعي كما في الامارة التي قد جعل الشارع لها الحجية وأمر باتباعها فهل يجوز هنا اسناد الحكم إلى الشارع؟
لا ريب في جواز اسناد نفس الحجية والحكم الظاهري إلى الشارع لأنه