الاستعمال بدرجة توجب الألفة الكاملة بين اللفظ والمعنى فالوضع تعيني.
ويلاحظ على هذا التقسيم بأن الوضع إذا كان هو الاعتبار أو التعهد، فلا يمكن أن تنشأ عن كثرة الاستعمال مباشرة، لوضوح أن الاستعمال المتكرر لا يولد بمجرده اعتبارا ولا تعهدا، فلا بد من إفتراض أن كثرة الاستعمال تكشف عن تكون هذا الاعتبار أو التعهد، فالفرق بين الوضعين في نوعية الكاشف عن الوضع.
وهذه الملاحظة لا ترد على ما ذكرناه في حقيقة الوضع من أنه القرن الأكيد بين تصور اللفظ وتصور المعنى، فإن حالة القرن الأكيد تحصل بكثرة الاستعمال أيضا لأنها تؤدي إلى تكرر الاقتران بين تصور اللفظ وتصور المعنى فيكون القرن بينهما أكيدا بهذا التكرر إلى أن يبلغ إلى درجة تجعل أحد التصورين صالحا لتوليد التصور الآخر فيتم بذلك الوضع التعيني.
توقف الوضع على تصور المعنى:
ويشترط في كل وضع يباشره الواضع أن يتصور الواضع المعنى الذي يريد أن يضع اللفظ له لان الوضع بمثابة الحكم على المعنى واللفظ، وكل حاكم لا بد له من استحضار موضوع حكمه عند جعل ذلك الحكم. وتصور المعنى تارة يكون باستحضاره مباشرة وأخرى باستحضار عنوان منطبق عليه وملاحظته بما هو حاك عن ذلك المعنى. وهذا الشرط يتحقق في ثلاث حالات:
الأولى: أن يتصور الواضع معنى كليا كالانسان ويضع اللفظ بإزائه ويسمى بالوضع العام والموضوع له العام.
الثانية: إن يتصور الواضع معنى جزئيا كزيد ويضع اللفظ بإزائه ويسمى بالوضع الخاص والموضوع له الخاص.