واما الثالث: اي الاخبار فهو العمدة في مقام الاستدلال: فمن الروايات المستدل بها صحيحة زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام، حيث سأله عن المرتبة التي يتحقق بها النوم الناقض للوضوء، فأجابه. ثم سأله عن الحكم في حالة الشك في وقوع النوم إذ قال له: فان حرك في جنبه شئ ولم يعلم به، فكأن عدم التفاته إلى ما حرك في جنبه جعله يشك في أنه نام فعلا أو لا فاستفهم عن حكمه، فقال له الإمام (ع)، لا حتى يستيقن انه قد نام حتى يجئ من ذلك امر بين والا فإنه على يقين من وضوئه، ولا ينقض اليقين أبدا بالشك، ولكن ينقضه بقين آخر.
والكلام في هذه الرواية يقع في عدة جهات:
الجهة الأولى: في فقه الرواية بتحليل مفاد قوله، " والا فإنه على يقين من وضوئه، ولا ينقض اليقين بالشك ". وذلك بالكلام في نقطتين:
النقطة الأولى: انه كيف اعتبر البناء على الشك نقضا لليقين مع أن اليقين بالطهارة حدوثا لا يتزعزع بالشك في الحدث بقاء، فلو أن المكلف في الحالة المفروضة في السؤال بني على أنه محدث لما كان ذلك منافيا بتعينه لان اليقين بالحدوث لا ينافي الارتفاع، فكيف يسند نقض اليقين إلى الشك؟
والتحقيق ان الشك ينقض اليقين تكوينا إذا تعلق بنفس ما تعلق به اليقين، واما إذا تغاير المتعلقان فلا تنافي بين اليقين والشك، فيكون الشك ناقضا وهادما لليقين.
وعلى هذا الأساس نعرف ان الشك في قاعدة اليقين ناقض تكويني لليقين المفترض فيها لوحدة متعلقيهما ذاتا وزمانا، وان الشك في مورد الاستصحاب ليس ناقضا تكوينيا لليقين المفترض فيه لان أحدهما متعلق بالحدوث، والآخر متعلق بالبقاء، ولهذا يجتمعان في وقت واحد.