بداية الوصول في شرح كفاية الأصول - الشيخ محمد طاهر آل الشيخ راضي - ج ١ - الصفحة ٤٥٥
الأول: إن الاتيان بالمأمور به بالامر الواقعي بل بالامر الاضطراري أو الظاهري أيضا يجزي عن التعبد به ثانيا، لاستقلال العقل بأنه لا مجال مع موافقة الامر بإتيان المأمور به على وجهه، لاقتضاء التعبد به ثانيا (1).
نعم لا يبعد أن يقال: بأنه يكون للعبد تبديل الامتثال والتعبد به ثانيا، بدلا عن التعبد به أولا، لا منضما إليه، كما أشرنا إليه في المسألة السابقة، وذلك فيما علم أن مجرد امتثاله لا يكون علة تامة لحصول الغرض، وإن كان وافيا به لو اكتفى به، كما إذا أتى بماء أمر به مولاه ليشربه، فلم يشربه بعد، فإن الامر بحقيقته وملاكه لم يسقط بعد، ولذا لو أهرق الماء واطلع عليه العبد، وجب عليه إتيانه ثانيا، كما إذا لم يأت به أولا، ضرورة بقاء طلبه ما لم يحصل غرضه الداعي إليه، وإلا لما أوجب
____________________
(1) يحكم العقل حكما جزميا بسقوط الامر المتعلق بالمأمور به الواقعي، وكذلك الامر الاضطراري المتعلق بالمأمور به الاضطراري، ومثلهما الامر الظاهري المتعلق بالمأمور به الظاهري إذا اتى بالمأمور به بجميع ما له دخالة في حصول الغرض به، لأنه لو لم يسقط مع تحقق الغرض الداعي له فبقاؤه يكون من بقاء المعلول بلا علة، واما ان يكون بقاؤه لعدم تحقق الغرض وهو خلف، لأن المفروض انه قد اتى بالمأمور به المتحمل للغرض بجميع ماله دخالة في تحقق الغرض، ولا ينبغي التعليل لبقاء الامر بلزوم تحصيل الحاصل، لأن الكلام في امكان بقائه وعدمه، لا في مقام انه لو بقي للزم ان يكون الطلب للغرض الحاصل من تحصيل الحاصل، ولان تحصيل الحاصل المحال هو ايجاد الموجود لا ايجاد مثل الموجود.
وعلى كل فالعقل يحكم بلزوم سقوط الامر، ولذا قال (قدس سره): ((لا مجال مع موافقة الامر باتيان المأمور به على وجهه)): أي بجميع ما له دخالة في تحقق الغرض منه ((لاقتضاء التعبد به ثانيا)) لأن المفروض ان الداعي للطلب هو الغرض، وقد فرض حصوله باتيان المأمور به.
(٤٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 447 448 450 451 452 455 456 459 460 461 462 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 موضوع العلم 1
2 تمايز العلوم 11
3 موضوع علم الأصول 14
4 تعريف علم الأصول 22
5 في الوضع 24
6 أقسام الوضع 26
7 تحقيق المعنى الحرفي 29
8 الخبر والانشاء 36
9 أسماء الإشارة 38
10 في كيفية المجاز 40
11 استعمال اللفظ في اللفظ 41
12 الدلالة هل تتبع الإرادة أم لا؟ 48
13 هل للمركبات وضع مستقل؟ 54
14 علامات الحقيقة والمجاز 56
15 التبادر 57
16 صحة السلب 59
17 الاطراد وعدمه 63
18 تعارض الأحوال 65
19 ثبوت الحقيقة الشرعية وعدمه 68
20 في الصحيح والأعم 81
21 وضع ألفاظ العبادات 105
22 في الاشتراك 143
23 استعمال اللفظ في أكثر من معنى 149
24 في المشتق 163
25 اسم الزمان 175
26 الافعال والمصادر 178
27 دلالة الفعل على الزمان 179
28 امتياز الحرف عن الامر والفعل 188
29 اختلاف مبادئ المشتقات 193
30 المراد بالحال 196
31 تأسيس الأصل 204
32 الخلاف في المشتق 207
33 تبادر التلبس 209
34 صحة السلب عن المنقضي 210
35 المضاد دليل الاشتراط 211
36 اشكال على صحة السلب 222
37 أدلة كون المشتق حقيقة في المنقضي 227
38 مفهوم المشتق 242
39 الفرق بين المشتق والمبدأ 268
40 دفع اشتباه الفصول 274
41 كيفية جري الصفات على الله تعالى 278
42 كيفية قيام المبادئ بالذات 280
43 معاني لفظ الامر 295
44 اعتبار العلو في الامر 302
45 إفادة الامر الوجوب 305
46 الطلب والإرادة 314
47 معاني صيغة الامر 351
48 في أن الصيغة حقيقة في أي معنى 358
49 الجمل الخبرية المستعملة في الطلب 363
50 دلالة صيغة الامر على الوجوب 369
51 في التعبدي والتوصلي 373
52 مقتضى اطلاق الصيغة 406
53 الامر عقيب الحظر 409
54 في المرة والتكرار 414
55 المراد بالمرة والتكرار 423
56 فيما يحصل به الامتثال 429
57 في الفور والتراخي 435
58 الاتيان فورا ففورا 441
59 في الاجزاء 443